أكد خبراء الإدارة أن التاريخ الطويل للفساد في مصر يرجع لعدم وجود تشريعات كافية لاقتلاعه من جذوره فهو يتطور يوميا بتطور البيروقراطية وتعدد اللوائح وعدم وجود دراسات كافية للعديد من القرارات التي تفتح المجال للرشوة والمحسوبية في ظل قانون عقيم يسمح بالتصالح في قضايا الفساد في سابقة هي الأولي من نوعها في العالم وعلي رأسها القانون الموحد للبناء رقم 119 لسنة 2008 والذي فتح الباب للرشوة والمحسوبية وتضييع الأراضي الزراعية ومضاعفة البناء المخالف. يري شحاتة محمد شحاتة - مدير المركز المصري للنزاهة والشفافية - ان سبب عجز الأجهزة الرقابية عن ضبط السوق هو انها محسوبة علي الفساد وليس لها دور فعال في القضاء عليه لأنها متشعبة الاختصاصات وكثيرة وثبت بالفعل ان وجودها لم يمنع الفساد خلال الفترات السابقة مشيرا إلي انه نادي تكرارا بضرورة انشاء جهاز رقابي وقائي واحد لأن الأجهزة الموجودة تكشف جرائم الاختلاس بعد وقوعها ولا تنفذ العقوبات علي مرتكبيها بموجب القانون. ويضيف شحاتة ان هذا الجهاز الرقابي الواحد من شأنه ابتكار أفكار جديدة قبل وقوع الجرائم كوضع أساليب فعالة لإحكام التعامل بين الموظف ومتلقي الخدمة علاوة علي احكام سلوك الموظف وآليات تقديم الخدمة مؤكدا ان الوضع الحالي ننتظر فيه وقوع الجريمة والابلاغ عنها أو من خلال المراقبة العشوائية وتعزيزها باذن من النيابة العامة مما يجعلنا في الغالب نجازي المبلغ لعدم وجود قانون يحميه واتهامه بأنه موظف مشاكس مشيرا إلي أن هذه الهيئة منصوص عليها بالدستور لأهمية دورها في التنسيق بين الأجهزة الرقابية وبعضها ولأن تداخل الاختصاصات يزيد من نسب الفساد. يتفق معه الدكتور عادل عامر - رئيس مركز المصريين للدراسات الاجتماعية والسياسية والقانونية - ويضيف ان لدي الدولة 36 جهازا رقابيا وكل جهاز يعمل وفقا للقانون الذي أنشئ من أجله وكل جهاز يعمل مستقلا عن الأجهزة الأخري ويحدد اختصاص كل جهاز القانون مشيرا إلي أن تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر بالسلب في مواجهة الفساد الإداري والمالي بالمؤسسات الحكومية والعامة ويمثل هذا إهدارا للمال العام والوقت كما ان معظم هذه الأجهزة تعمل بمعزل عن الأخري ولا يوجد بينها أي نوع من أنواع التنسيق أو التعاون في تبادل المعلومات لذا يضعف من دورها. ويضيف عامر ان الدستور المصري عام 2014 نص في احدي فقراته علي ضرورة انشاء مفوضية عليا لمكافحة الفساد تعمل علي وضع استراتيجية شاملة للتنسيق بين الأجهزة المختلفة حتي تتيح لها تبادل المعلومات للكشف عن الفساد وهذا ما نبهت إليه القيادة السياسية حيث أبدي الرئيس اهتماما واضحا بملف مكافحة الفساد والقضاء عليه كما أعلنت هيئة الرقابة الإدارية عن إطلاق مبادرة بعنوان "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" للعمل علي الحد من الآثار السلبية للفساد علي كافة القطاعات الإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونشر الوعي بهذه الآثار ورفع قدرات أجهزة مكافحة الفساد والتعاون مع كافة الجهات المعنية المحلية والاقليمية والدولية في مكافحة الجرائم المتعلقة به مع مراعاة المعايير الدولية وأفضل الممارسات. ويري العربي أبوطالب - المستشار الاقتصادي ورئيس الاتحاد العام للتموين والتجارة الداخلية بمصر ورئيس جمعية مفتشي تموين مصر - ان الرقابة التموينية علي الأسواق لها تجربة رائدة في فترة ما قبل حرب 1973 وحتي السبعينيات حيث كانت الدولة تتحكم فيما يقرب من 10 أو 12 سلعة بحد أقصي تتضمن الفول والعدس والأرز والقماش الكستور والزيت والسمن والكبريت وغيرها كما ان الأسواق معدودة وغير ممتدة فكان المتحكم في السلعة عدد لا يتجاوز الثلاثة تجار مما ييسر سيطرة الدولة عليهم وكانت السلع محددة المواصفات فالملابس كانت قطنية أو مصنوعة من الكتان فقط ثم بدأت الدولة في عمليات تقليص الدعم منذ الثمانينيات لكن الدولة كانت لا تتخلي عن المواطن تماما.