بعد رفض النائب العام الامريكي في سبتمبر 1952 منحه تأشيرة دخول وهو في عرض البحر قادما من بريطانيا الي الشاطئ الأمريكي.. عقد الممثل والمخرج العظيم شارلي شابلن في لندن مؤتمرا صحفيا.. سأله أحد الصحفيين: "هل أنت شيوعي يامستر شابلن؟".. فأجاب بنبرة قوية واضحة ومتحدية : "لست شيوعيا ولكني صانع سلام".. ولم تمر دقائق حتي غالبته دموعه. وهو الرجل الستيني. وهو يلمس حفاوة الجمهور الانجليزي به. في الوقت الذي جفته وطردته أمريكا بعد ان قضي 40 عاما بها. ضمن حملة الماكارثية التي طاردت المثقفين والفنانين والموظفين بتهمة الشيوعية والعمل لمصلحة الاتحاد السوفيتي عقب الحرب العالمية الثانية. اتهام أسطورة الكوميديا العالمية شارلي شابلن بالشيوعية وثقها كتاب "هل أنت شيوعي يامستر شابلن" الذي ترجمه وحرره الكاتب المصري رمسيس عوض وحمل عنوانا فرعيا هو "قصة شارلي شابلن مع المخابرات الامريكية.. وثيقة تاريخية" مكون من 119 صفحة متوسطة القطع. وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة في عام .2008 أزمة شارلي شابلن كانت في محاكمته علي أفكاره ونياته وتصريحاته.. في هوجة جوزيف ماكارثي النائب الجمهوري بمجلس الشيوخ اثار الهلع والخوف في المجتمع الامريكي من جيش عملاء الاتحاد السوفيتي من الشيوعيين. وبث سموم الكراهية ضد كل من يحمل افكارا مختلفة بالمجتمع.. وكان من ضمن هؤلاء شارلي شابلن. الذي لم تشفع له شهرته الواسعة ولا نجوميته في أن يفلت من المكارثية القبيحة. ودعاية مكارثي الساذجة التي اعتمدت علي ان الشيوعية "دين يريد القضاء علي المسيحية".. والاتهامات لشارلي استندت الي بعض تصريحات له منها قوله عام 1942 "إذا كنا نرغب في كسب الحرب "العالمية الثانية" واذا كنا نريد من روسيا أن تظهر لنا تعاونها الكامل فعلينا ان نتوقف عن شن الحملات ضد الشيوعيين".. وفي تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1948 مع شابلن اعترف بأنه لايعرف شيئا عن الشيوعية ولم يقرأ كتابات كارل ماركس وانكر انه تبرع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحزب الشيوعي في أمريكا.. لكنهم بالنهاية اعتبروه خطرا علي الامن القومي الامريكي. لم يعد شارلي شابلن بعد ذلك لأمريكا.. ولم ينتقص منه هذا شيء.. مات وهو في ال 88 من عمره بسويسرا.. وفي المقابل لم يمر عامين علي طرد شابلن حتي انكشف زيف جوزيف ماكارثي قل تأييد الأمريكيين له. وتأكدوا من انه "غوغائي" يوزع الاتهامات يمينا ويسارا. بدون ادلة كافية.. ولم تمر ثلاثة اعوام اخري حتي مات وهو في الثامنة والاربعين من عمره وحيدا مخزيا بالكبد الوبائي الفيروسي. تخلصت أمريكا من المكارثية بعد ان دفعت ثمنا باهظا من سمعتها.. وباتت القصة ملهمة للعالم لمواجهة هؤلاء الذين يشيعون في العالم وباء الخوف والتفتيش في النيات والافكار واتهام الاخرين بالتخوين والعمالة علي التصريحات والانتماءات. للأسف لم يصل الهام القصة الي مصر بعد.. بعد 30 يوليه لم تستتب الامور.. لاتزال ابواق في الاعلام وبقايا في الاجهزة تريد للوطن ان يعيش فوق صفيح ساخن اسمه الخوف.. وفزاعة وهمية اسمها الانتماء للإخوان.. لا أريد التعليق علي اتهام أبوتريكه ساحر الكرة المصرية وصانع السعادة. بالارهاب ووضعه علي قوائم الكيانات الارهابية فهذه اجراءات قانونية مكانها المحكمة.. لكن ما يشغلني هو الاهم. وهو كيف نحافظ علي وحدة الشعب المصري وتماسكه وقوته؟ الاتهام قسم الشعب المصري بين غالبية ترفض. واقلية تصمت لكنه يثير تساؤل هام عن جدية هذه الاتهامات خاصة مع التعجل في القرار. في ظل غياب المتهم ودفاعه وفي غياب ادلة واضحة تقدمها الجهات المعنية للرأي العام. لن تبني دولة قوية الا بالقانون. وأؤمن بأنه لا أبوتريكه ولا غيره مهما كانت شعبيته فوق القانون.. إذا كان متهما فحاكموه قبل تجريسه وتشويهه.. وإذا كان مدانا فقدموا لنا اثباتات ذلك حتي تطمئن قلوبنا الي أن هناك عدالة في هذا الوطن.