المتابع والمدقق والمحلل لما جري لمصر خلال الثلاثين عاما الماضية في شتي المجالات وحتي الفوضي الكبري التي ضربت الاخلاق والقيم والضمائر وخربت المجتمع والمؤسسات الكبري في مقتل لوجدت ان السبب المباشر والرئيسي في كل ما حدث هو الاعلام.. وزواج المال بالباطل برسالة سامية اساسها التنوير والتثقيف وبناء العقول.. رسالة الاعلام التي تحولت الي تجريف العقول وهدم الاصول وتفكيك الاسر وانهيار الاخلاق والقيم منذ ان طفت علي سطح الحياة الاعلامية برامج الفبركة علي يد الاعلامية الشهيرة التي استضافت ممثلات لدور فتيات الليل العاهرات ليتحدثن بكل بجاحة عن الانحلال الخلقي الذي ضرب المجتمع ورموزه.. وظهور بائعات الهوي المتاجرات باجسادهن بلا حياء علي الهواء لافساد الذوق العام وجرح مشاعر كل المشاهدين.. والصدمة القاسية التي حدثت للجميع طوال مدة الحلقة المفبركة.. مرورا ببرامج الاعشاب والتخسيس والشعوذة وحتي برامج الشواذ والمخنثين والجن والعفاريت والالحاد وازدراء الأديان.. والاكثر خطورة ليس علي المجتمع فحسب بل علي الدولة بأكملها هو البرامج التي تنفيذ اجندة اسقاط وتفتيت الوطن وبعض النخب الذين كانوا ضيوفا دائمين بمثل هذه البرامج والذين ضللوا كثيرا من البسطاء. *** وللأسف الشديد انه في ظل الكم الهائل من فضائيات رأس المال الذي سيطر علي الساحة الاعلامية.. ضاعت رسالة الاعلام السامية.. وتاهت معالم الحقيقة.. وصار تنافس البرامج ليس في سبق صحفي او اعلامي أو الانفراد ببث خبر مثير وجديد.. وانما صار التنافس في التضليل والاثارة الرخيصة حتي لو كانت علي حساب القيم والاخلاق والمجتمع والكيان بأكمله.. من هنا لابد من الاسراع بتشكيل الهيئة الوطنية للاعلام والهيئة الوطنية للصحافة.. وارساء ميثاق الشرف المهني والضوابط الحاكمة للاعلام الواعي الامين.. فيكفي مصر اعداء الخارج.. والمؤامرات التي تحاك ضدها.. والطامة الكبري ان يتحول الدرع الواقية للوطن الممثلة في الاعلام الواعي الي معول الهدم! *** هل تصور احد أو جال في خاطره هذه الدنيا بدون أمريكا.. هل فكر أحد في زوال هذه القوة.. لتصبح المعمورة بدون الولاياتالمتحدةالامريكية.. بلا إمبراطورية البنتاجون.. ولا اخطبوط ال سي أي إيه.. أو ابهار لاس فيجاس وناطحات نيويورك. *** رغم ان دول العالم الحليفة وغير الحليفة تتمني زوال هذا المارد الامريكي.. ورغم الكراهية الشديدة التي تملأ نفوس البشر نحو الأمريكان.. ورغم التوقعات ببزوغ شمس الصين وأفول شمس الأمريكان وعودة الروس الي سابق الازمان.. يري كثيرون ان امريكا شرطي العالم الاوحد.. هي الترياق القاتل.. الذي لاغني عنه لشفاء الامراض. .. فماذا يمكن ان يحدث لو اختفي الامريكان من الوجود بكل القوة التكنولوجية والصناعية والعلمية وصناعة السلاح وهذا التقدم المذهل في شتي مناحي الحياة؟! .. اتصور انه في غياب الشرطي الاوحد الذي يحكم العالم.. سوف تجور الدول التي تملك السلاح والعتاد علي جارتها الضعيفة بلا حساب ولاعتاب.. وسوف يخرج شرطي اخر يحتل نفس القعد ونفس الدور الذي تقوم به امريكا.. فسطوة القوة والنفوذ تغير الكثير من المواقف.. والمصالح تحكم تعاملات الدول في عالم لايعترف الا بالقوة.. واعتقد ان العالم سوف يخسر كثيرا اذا اختفت القوة العلمية والتكنولوجية والصناعية التي لامنافس لها علي ظهر المعمورة.. مالم تطور الدول من نفسها.