تحديات الحياة لا تنتهي وبالتفاؤل تنهض.. لا تحرق بساتين قلبك باليأس ولا تجعل التردد يهزمك.. عش واضحك واشك همك لمن تثق به.. اعتمد علي الله ومن ترك أمره إليه لا قل ولا ذل ولا طل ولا مل.. طهرك عقلك من الغل لأن حساب الله عسير. تقول العرب: باب الكريم لمن ناداه منفتح علي الدوام وباب الناس موصود فارجع لمولاك في عسر ويسر من يقصد الله مسعود وإليكم حكاية من مشوار حياتي.. في أرض الحرمين الشريفين كنت أقود سيارتي بطريق مكةالمكرمةالمدينةالمنورة متوجهاً إلي مسجد رسول الله وبعد "جدة" بعشرة كيلو مترات فجأة انحرفت سيارة نقل أمامي ووجدت نفسي علي وشك الاصطدام بمؤخرتها والتي تحمل زيتا يتساقط منها رغم إجراءات الفحص والتفتيش والرقابة المشددة.. وألهمني الله بالابتعاد عنها مما أفقد عربتي توازنها ودورانها أكثر من مرة واصطدم بسيارة للمرور متوقفة بجانب الطريق لأفاجئ باعتدال عربتي والوقوف مرة أخري علي إطاراتها. ثم أري الضابط الذي تهشمت سيارته أيضاً قادماً إلي ويخرجني بحنان من عربتي وطالباً السير علي أقدامي لاستيعد توازني من هول الصدمة ثم قال مبتسماً: حمداً لله علي سلامتك يا نجم أفلام "الأكشن".. ثم تساءل عن سبب الحركات السينمائية التي قمت بها وبصعوبة شرحت له ما حدث. وعلي الفور بدأ في الاتصال للقبض علي سائق الموت ثم أجلسني مستنداً علي الحائط الخرساني بجانب الطريق وأحضر علبة عصير من سيارته لأشربها وأوراقه لتحرير المحضر حتي أتمكن من إصلاح سيارتي وهو يردد: لا تشيل هما من إصابتك لعربتي.. سأتوني القيام بما يلزم ومعك الله الذي كتب لك عمراً جديداً. وأخذني إلي سيارتي وأجلسني برقة أمام الدريكسيون وقال: أدر المحرك وسر ببطء.. وعندما اطمأن إلي أنني استطيع قيادتها مرة أخري برغم الكدمات والجروح البسيطة التي ظهرت برأسي ووجهي ويدي.. ونصحني بالمشي بهدوء ولا ألتفت للمتطفلين حتي أصل لهدفي. سرت وقلبي يقول صحيح الدنيا بخير ونماذج هذا الضابط وإن كان نادراً إلا أنه موجود في كل الدنيا. هذا المشهد المؤلم دفعني للبحث عن حجم خسائرنا في مصر بسبب جنون السرعة والمساطيل فاكتشفت أن فاتورة هذه الكوارث 30 مليار جنيه و25 ألف ضحية و60 ألف مصاب سنوياً أغلبهم من الشباب لتتصدر مصر قائمة الدول الأسوأ عالمياً في نزيف الأسفلت. وبالطبع تبقي العبرة والعظة واليقظة الواجبة حتي نتجنب الشر الكامن علي الطريق ومصيدة الموت التي تعمل بأخطاء الغير. في النهاية أدعو الله ألا يكسر لنا قلباً ولا يصعب علينا أمراً ويرزقنا سعادة الدنيا ونعيم الآخرة. يارب لنا في القبور أحباب.. نسألك بكل اسم هو لك أن تغفر لهم وترحمهم وتجعل مرقدهم روضة من رياض الجنة وتلحقهم بالفردوس الأعلي مع الشهداء والأنبياء.. اللهم آمين.