الناس العاديون الذين لا يفهمون في الاقتصاد أقل القليل استقبلوا قرار البنك المركزي بتعويم سعر الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وهم لا يدركون مدي هذه الخطوة ولا مدي تأثيرها علي حياتهم ومعيشتهم اليومية. لقد استقبلت خطوة البنك المركزي من الجهات الأجنبية ومن مصادر اقتصادية في مصر بترحاب شديد.. وأعلنوا تأييدهم لهذه الخطوة وانها ستكون فاتحة خير علي الاقتصاد المصري. ونشر موقع "سكاي نيوز عربي" تقريرا يشرح فيه معني تعويم العملة الوطنية وأثره علي الاقتصاد وعلي عامة الناس في تفاصيل حياتهم. وأكد التقرير الذي نشرته "صحيفة الشروق" وصحيفة "المصري اليوم" ان قيمة العملة المحلية ترتفع وتنخفض في السوق حسب العرض والطلب وقدرة أساسيات الاقتصاد التي تمثلها وتصرفات المضاربين في أسواق العملات. في حالة مصر التي يعاني اقتصادها من صعوبات جمة اضطر البنك المركزي لإجراء إصلاحات اقتصادية لمواجهة العملات الأجنبية وخاصة الدولار.. حيث كانت الحكومة تربط الجنيه بالدولار بسعر ثابت هو السعر الرسمي في البنوك.. لكن مع نقص الدولار جعل سعره في السوق السوداء أعلي بكثير. ولمواجهة زيادة تجارة الدولار في السوق السوداء قرر البنك المركزي المصري تعويم الجنيه المصري وفك ارتباطه بالدولار جزئيا ليرتفع سعره 14 في المائة في مارس الماضي. ورغم تحسن البورصة الرسمية ورد الفعل الايجابي في السوق إلا ان السوق السوداء عادت لتنشط أكثر من السابق.. ولذلك كانت الأسواق كلها بانتظار قرار التعويم كجزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. وهو ما حدث أمس الأول. والنتيجة : انه سيقل الضغط علي البنك المركزي بالنسبة لحجم احتياطات العملة الأجنبية.. وهذا ليس مهما في الاقتصاد الكلي.. وإنما الأهم أن انخفاض العملة الوطنية نتيجة للتعويم سيؤدي إلي زيادة الصادرات فالمنتجات المصرية ستصبح أرخص كثيرا في الأسواق الخارجية مقابل العملات الأجنبية ومن ثم تصبح أكثر تنافسيا. وستصبح الواردات أغلي كثيرا.. وهنا سيصعب علي المصريين شراء الكثير من هذه السلع لارتفاع أسعارها وبالتالي سيزيد استهلاك السلع المحلية ويزيد النشاط الاقتصادي الداخلي.. لكن ذلك سيؤدي إلي زيادة التضخم.. وهو ما يعني أن هذا التضخم ستكون معدلاته أعلي كثيرا ويؤدي إلي مزيد من الضغوط علي الطبقات الفقيرة. انتهي تقرير موقع "سكاي نيوز عربي" والذي تأكد في نهايته زيادة الضغوط علي الطبقات الفقيرة!! لقد تعودنا في مصر ان ارتفاع سعر السلع المستوردة يقابله ارتفاع في سعر السلع المحلية.. وخاصة إذا كان يدخل في إنتاجها مادة مستوردة من الخارج. ولنأخذ أسعار الأدوية مثلا.. فقد ارتفعت أسعار المستورد منها وكان الظن ان أسعار الأدوية المصنعة محليا سيبقي سعره علي ما هو عليه لكننا فوجئنا بأن أسعارها ارتفعت بنسبة 50 في المائة. وقس علي ذلك بقية السلع المحلية التي ارتفعت أسعارها بنسبة 25 أو أكثر في المائة.. ما الذي يجعل سعر الطماطم والخيار والكوسة والباذنجان وأسعار البقوليات التي تنتج محليا كالفول والفاصوليا واللوبيا وغيرها ترتفع بشكل كبير؟! وقس علي ذلك أيضا أسعار الأقمشة والملابس الجاهزة والأحذية والشنط التي أصبحت أسعارها أغلي من مثيلاتها في الدول الخارجية. الحكومة تقول انها ستسيطر علي الأسعار من خلال أجهزتها المختلفة.. وهو مجرد كلام للاستهلاك المحلي فقط.. فالحكومة ليس لديها من الأجهزة ما يراقب الأسعار وبالتالي لن تستطيع السيطرة علي الأسواق. فإذا أضفنا إلي ذلك ارتفاع أسعار البنزين والسولا و الكهرباء والمياه والغاز فإن الانسان الفقير وأصحاب الدخول المتوسطة سيعانون كثيرا في الفترة القادمة وسنقول لهم اصبروا من أجل مصلحة مصر.