خلال 3 أيام حصل المصريون علي هدنة غير متوقعة من الاحباط وغيره من المشاعر السلبية عندما هبت علي شرم الشيخ نسمات الأمل في غد أفضل بعد أن رأوا شبابا "يفرح بجد" وحين وجدوا الرئيس عبدالفتاح السيسي يعمل بكل صدق علي التواصل مع الشباب والاستماع لهم ولغيرهم من رموز المعارضة ثم الرد المباشر بكل التقدير لكافة الآراء.. وجاءت المفاجأة في ختام مؤتمر الشباب والتي ردت بقوة علي "عواجيز الفرح" وذلك عندما تحولت لأول مرة في مصر. التوصيات إلي قرارات رئاسية ببرامج زمنية للتنفيذ بإشراف مباشر من مؤسسة الرئاسة. إذا كان المؤتمر قد تجاوز بنجاح دائرة الشباب ليشمل كل الهموم المصرية ويطرح كل المشاكل وسيناريوهات الحل بمشاركة فعالة من الشباب والنخبة والسلطة التنفيذية فإنه أشاع جوا من التفاؤل بأن مصر تستطيع أن تتجاوز أزماتها ومواجهتها بشجاعة مما يؤكد انه يمثل نقطة فاصلة في واحدة من أصعب المراحل التي تمر بها مصر. واختبارا مهما لكل القيادات في استثمار هذه الحالة واستعداد الكثيرين حتي ممن كانوا من أشد المعارضين أو المحبطين لمنحها فرصة جديدة لتثبت أننا يمكن أن نبدأ مرحلة جديدة تتحول فيها كل هذه الحوارات والمقترحات الجادة والقرارات الرئاسية الحاسمة إلي برامج عمل وأداء جاد ورؤي ناضجة لتخفيف معاناة المصريين ومواجهة التحديات والأزمات المتلاحقة حتي من تقلبات الطقس والتغير المناخي. المؤكد ان هذا التفاؤل ليس علي بياض بل هو مشروط بقوة بمدي نجاح الحكومة في إثبات أنها مؤهلة وجديرة بتحمل مسئولية هذه المرحلة واستثمار الفرصة الجديدة التي أتاحها المؤتمر وهو ما يحتاج بلا شك إلي أداء مختلف وإيقاع أسرع واستجابة أكثر فاعلية لنبض الشارع وجموع المواطنين والذين أتصور انهم يمكن أن يتسامحوا ويتناسوا سوءات الأداء في المرحلة الماضية إذا شعروا بالفعل أن هذه الحكومة يمكن أن تتغير وأن تتعلم من أخطائها كما حدث مثلا في كارثة السيول الأخيرة التي جاءت بعد سنة بالتمام والكمال من مأساة سيولالإسكندرية والبحيرة ومن يومها اتجهت الجهود - كما يقال وربنا ستر إلي الاستعداد لمواجهة سيول هذا العام.. في إطار ما أعلن في يونيو 2014 من استراتيجية عمومية لمواجهة أخطار السيول. وللأسف - كما هي عادتنا - يبدو أن التركيز كان علي موقع الكارثة السابقة ولم يمتد العمل إلي بقية المواقع المحتملة لاستقبال السيول الشديدة رغم كل الوعود والتصريحات الوردية بأننا جاهزون لأي طواريء بدليل ما حدث في رأس غارب مع وجود تحذيرات صريحة من الأرصاد قبل 3 أيام وما صدر عن رئيس الوزراء - الذي نشكر له انه تحرك من مكتبه علي غير عادته لمتابعة توابع غضب الطبيعة علي البشر المهملين وغير المسئولين.. ويومها أصدر توجيها بإنشاء 3 سدود بالمنطقة تنتهي قبل الشتاء القادم "في 2017 طبعا".. وكان التساؤل المحزن: هل لابد أن تقع مصيبة أولا حتي نقيم السدود أم العكس؟.. وهل إذا عاندتنا السيول السنة القادمة وتركت المنطقة المستعدة لها واختارت مكانا آخر لتحصد عشرات القتلي وتدمر ممتلكات المواطنين هل نفعلها مرة أخري ونحاسب المسئول عن ذلك؟! أيضا.. هل نتفاءل بالمرحلة القادمة مع استمرار بعض القيادات الفاشلة الذين يكلفنا الصبر عليهم الكثير كل يوم. ومنهم مثلا وزير التربية والتعليم د.الهلالي الشربيني مما يثير التساؤل: هل يمكن أن يستمر حتي يشارك في الحوار المجتمعي الشامل لتطوير التعليم خلال شهر. كما جاء في قرارات الرئيس بالمؤتمر. وهل هو قادر علي تحمل هذه المسئولية رغم اخفاقه في مواجهة أزمات عديدة بوزارته وتردده وتراجعه عن بعض قراراته وبدء العام الدراسي وكثير من المدارس مغلقة للصيانة.. ولسوء حظه وحظنا وقع في "حيص بيص" عندما تعرض رئيس مصر العظيمة لحماقة من أمين منظمة التعاون الإسلامي في مؤتمر بتونس ولم يغل الدم في عروقه. بل ليته لم يتكلم بعد أن لاذ بالصمت في البداية لأنه لم يطلب من المخطيء بهدوء - ولا نقول برعونة أو تهور - أن يعتذر بل قال كلاما عجيباً يحرق الدم. لدرجة أنه بدا دون أن يقصد أنه يختلق العذر لمن أخطأ حين قال "أعتقد ان ذلك جاء نتيجة لحب المتحدث للرئيسين".. والأعجب أن الشربيني شارك وكأن شيئا لم يحدث في الصورة الجماعية للحاضرين التي تصدرها بالطبع إياد مدني!!! أيضا.. هل نتفاءل مع استمرار وزيرة الاستثمار التي قدمت بعد انتظار حوالي 20 شهرا مسودة لقانون الاستثمار الذي تتعلق به الآمال لخلق مناخ يجذب المستثمرين يحل أزمة الدولار وضعف الإنتاج وتزايد البطالة.. مسودة يعارض بعض موادها 5 وزراء ويرفضها اتحاد الغرف التجارية والبقية بالطبع في الطريق مما ينذر بأن "السكة لسه طويلة" وأن فضيحتنا ستكون بجلاجل ونحن عاجزون عن إصدار قانون يجذب الاستثمارات كما فعلت منذ سنوات طويلة دبي وسنغافورة والصين وغيرها.وعن اقناع بعض الوزراء بالتخلي عن سلطاتهم حتي يتحقق حلم الشباك أو المكتب الواحد وعن حل مشاكل الكثير من المستثمرين ومنهم مثلا - كما قال أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية - مستثمر إماراتي عرض مشروعا باستثمارات 3.1 مليار دولار منذ 4 سنوات دون أن يحصل علي موافقة حتي الآن فقرر نقله إلي دولة أخري إذا لم تحل مشاكله قبل نهاية هذا العام!! ما أكثر الأمثلة علي سوء أداء بعض الوزراء ومنهم بالطبع وزير الصحة الذي يخلق كل يوم أزمة جديدة مع بعض القطاعات بدلا من أن يحل مشاكل وزارته المتراكمة وينقذ المواطنين من اختفاء الكثير من الأدوية وحتي المحاليل الطبية وحبوب منع الحمل ولكننا نؤكد ان تغيير بعض الوزراء لن يحل المشكلة ولكن الأهم تعديل السياسات وطريقة التعامل مع الأزمات حتي نطمئن أن هذه الحكومة وأيضا بقية القطاعات وعلي رأسها مجلس النواب والأحزاب وغيرهما جديرة بإدارة مرحلة ما بعد مؤتمر شرم الشيخ. وحتي نتفاءل بأن شعار "مصر تستطيع" يمكن أن يتحول بالفعل إلي واقع. لكل المصريين : اعتذروا للتجار .. فوراً !! بدلا من أن يدعو أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية أعضاء الجمعية العمومية التي تمثل آلاف التجار. ويناشدهم حتي من قبيل تحسين السمعة وتخفيف غضب المواطنين من استغلالهم للأزمات بأن يرحموا الناس الغلابة قليلا حتي يرحمهم من في السماء ويرضوا بنسبة أقل من الأرباح ويساندوا الدولة في هذه المرحلة والتي ساعدت الكثيرين منهم منذ زمن علي أن يكونوا مليونيرات.. بدلا من ذلك أصدر باسم مجلس إدارة الاتحاد السبت الماضي بيانا ينتقد حملات مباحث التموين علي مخازن التجار ومصادرة ما بها من أطنان السكر والأرز ويعتبر ذلك مخالفة للدستور والقانون.. كما أعلن رفضه - استنادا لإحدي مواد قانون الاستثمار . التدخل في تسعيرة المنتجات أو تحديد ربحها. وفي حواره مع الإعلامي أسامة كمال مساء الخميس الماضي كان الوكيل أكثر صراحة في مواجهة سلطة الدولة بما يجعله من أخطر الحوارات في الفترة الأخيرة.. وأكد أن السكر موجود ولكن المشكلة في توصيله إلي الناس لأن المجمعات والسلاسل وغيرها لا تغطي إلا 30%.. وقال بلا مواربة أو حتي دبلوماسية: "لو جبت كل عربات الجيش المصري والروسي والأمريكي لن تحل المشكلة إلا بتسليم السكر لشبكة تجار الجملة والتجزئة وهذا ما قلته للجهات الرقابية" وكأنه يقول: "يا فيها يا خفيها"!! وأضاف: ان الإجراءات البوليسية التي عفا عليها الزمن جعلت التجار يرفضون بيع السكر بمحلاتهم رغم انهم الوحيدون الذين يستطيعون توصيل السلع للقري والنجوع في كل المحافظات.. وقال الوكيل: "كل القضايا اللي اتمسكت ستأخذ براءة وفقا للقانون والدستور لأنه من يوم ما خالد حنفي عمل منظومة النقاط لم تعد هناك سلع تموينية والسكر حتي الذي يباع ب5 جنيهات هو سلعة حرة". وأكد الوكيل: "تجار مصر شرفاء وحتي لو أخطأ القليل منهم كما يحدث في كل قطاع. وأن الدولة لا تستطيع وضع أسعار استرشادية. و تشكيل الحكومة لجنة لتحديد هامش ربح للسلع الأساسية وغيرها لنا تحفظات عليها وإذا حدث ذلك لن تجد سلعة في الأسواق"! وقال: "من مصلحتنا أن نتكاتف.. وإذا عندي تجار ومصنعين ربنا كرمهم يمكنهم يعدوا المرحلة دي ولكن بمزاجهم دون أن تفرض علي آليات السوق أي قيود"! الوكيل وهو يتحدث عن الشرفاء لم يقل لنا ما هو تصنيف من يضبطون يوميا بإخفاء أطنان السكر أو من كانوا يبيعونه ب12 جنيها أم ان المسألة "شطارة وذكاء" كما قال الكاتب المجهول "نيوتن" وهو يطالب بمحاسبة الحكومة وليس التجار "المصري اليوم - 23 أكتوبر".. ولم يقل لنا الوكيل من الذين حرضوا المزارعين علي عدم تسليم الحكومة الأرز حتي يشتروه هم للتخزين وتعطيش السوق أو التهريب "مع التأكيد بخطأ مداهمة الشرطة للمصانع وسوء الأداء الحكومي عموما في ملف السكر والأرز".. أيضا لم يقل لنا عن "الشرفاء" الذين يرفعون الأسعار يوميا رغم أن الإمام مالك قد أفتي بأن أي ربح يزيد علي 20% هو سحت وحرام كما أن الرسول الكريم "صلي الله عليه وسلم" قال: "من احتكر علي المسلمين طعامهم. ضربهم الله بالجذام والإفلاس".. بل ان الشريعة - كما قال د.محمد قاسم المنسي وكيل كلية دار العلوم - لم تكتف بتحريم الاحتكار بل طالبت ولي الأمر بالتدخل لإجبار التاجر علي بيع السلع بالقيمة المناسبة. ولم يرد الوكيل علي ما قاله اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك الذي سبقه في الحوار مع أسامة كمال. بأن السعر العادل وهامش الربح يطبقان في كبري الدول الرأسمالية التي "اخترعت" اقتصاد السوق كما ان قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يعطي الدولة الحق في إصدار قرارات بتسعير السلع الاستراتيجية لمدد محدودة وأن المادة "27" من الدستور التي يتذرع بها الوكيل لا تسمح بفوضي الأسواق بل تنص علي منع الاحتكار وضبط آليات السوق والتوازن بين كل أطرافه. إذا كان اتحاد الصناعات قد رفض بدوره قرار رئيس الوزراء الخاص بدراسة تحديد هامش الربح بحجة انه يتعارض مع قانون الاستثمار والمنافسة فإننا نتساءل: ماذا يريد التجار والصناع بالضبط.. ألم يكفهم ما ربحوه من أيام الانفتاح الاستهلاكي الذي خرب الاقتصاد وضرب الصناعة وحتي اليوم.. وأيضا نتيجة لغياب دور وهيبة الدولة اللازمة لحماية ملايين المواطنين . ضاعفوا الأسعار وتلاعبوا بأجهزة الحكومة كما يريدون كما فعلوا في مهازل القمح والسكر والأرز الأخيرة.. هل يريدون أن تعتذر الدولة لهم لمجرد أنها فكرت في ضبط الأسواق ولذلك يسارعون برفع كارت التهديد لها حتي تتراجع حتي عن مجرد النوايا المتأخرة جدا؟ هل يدرك هؤلاء - إذا لم يراعوا الله ومصلحة الوطن - أن توابع الفوضي التي يتمسكون بها سيكونون هم - إذا ما حدثت لا قدر الله - أول ضحاياها؟!