كثيراً ما نتحدث عن ظاهرة أطفال الشوارع ونطالب الدولة بإيجاد حلول لها دون أن نسأل أنفسنا عن السبب الرئيسي في تزايد هذه الظاهرة خاصة مع التزايد السكاني المطرد في بلدنا. بالتأكيد.. إن للوزارات المعنية دوراً لابد أن تضطلع به.. ولكننا ننسي دور الأسرة الأب والأهم الأم التي هي مدرسة إذا أعددتها كما قال الشاعر أعددت شعباً طيب الأعراق. وديننا الحنيف يحدثنا عن دور الأسرة في المجتمع ونعرض لبعض منها. علنا ننتبه له ليس بالنسبة لهذه الظاهرة فحسب. بل في كل ما نواجهه من مشكلات في مجتمعنا. 1 البيت مثابة وسكن وفي ظله تدرج الحداثة وتنبت الطفولة ومن سماته تأخذ سماتها وطابعها وفي جوه تتنفس وتتكيف.. وكم من احداث وحوادث وقعت علي مسرح المجتمع واثرت. وفي سير التاريخ تكمن بواعثها الخفية في مؤثرات بيتية.. 2 يصور الإسلام العلاقة البيتية تصويراً رفافاً شفيفاً يشع منه التعاطف وترف فيه الظلال ويشع فيه الندي ويفوح منه العبير.. والقرآن الكريم لا يذكر المرأة في الغالب إلا مقرونة بالنسل مسئولة عن البيت المسلم: الخلية الأولي في المجتمع المسلم.. ولنقتصر علي تلك الآية من سورة النحل كنموذج من آيات كثار: يقول تبارك وتعالي: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات" النحل "72": أرأيت كيف ساق القرآن نعمة التزويج والانجاب وذكر البنين والحفدة للايحاء بجو الاسرة والاحساس بحياة البيت المسلم؟ذلك ليفقه المسلمون أن وظيفة المرأة أساسا هي تلك الوظيفة التي لا تتجاوزها إلي غيرها.. ولا تتخلي عنها إلا حين تختل القيم؟؟. 3 ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها: أوجب علي الرجل النفقة وجعلها فريضة كي يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ما تشرف به علي هذه الفراخ الزغب وما تهيئ به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها: فالأم المكدودة بالعمل للكسب المرهقة بمقتضيات العمل. المقيدة بمواعيده المشتتة للطاقة فيه.. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها فحقيقة طمأنينة البيت لا تتحقق إلا عن طريق المرأة الصالحة الودود.. واريج البيت لن يفوح إلا أن تطلقه زوجة وحنان البيت لن يشيع إلا أن تتولاه ام.. والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الارهاق والكلال والملال وأن خروج المرأة لتعمل كارثة علي البيت قد تبيحها الضرورة.. أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون علي اجتنابها فتلك هي المصيبة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول.. وفي سبيل الاستقرار البيتي وقطعا لدابر الفوضي والنزاع فيه جعل الإسلام القوامة للرجل فيه.. وذلك تمشياً مع سياسة التنظيم التي يحرص عليها الإسلام حرصاً شديداً والتي جعلت الرسول يأمر الجماعة أن يؤمروا عليهم احدهم حتي لو خرج اثنان في أمر فأحدهما أمير. ويظل دور الأسرة المتماسكة المترابطة أساسا لحماية المجتمع من كل أوجه الضعف والظواهر السلبية.