عصام الشيخ اكد الرئيس عبدالفتاح السيسي علي وزير الموارد المائية والري الاهتمام بتحسين جودة ونوعية المياه ونقائها حفاظا علي صحة المواطنين وضماناً لجودة المحاصيل وذلك عقب قيام الوزير د.محمد عبدالعاطي بعرض خطة الوزارة لزيادة كفاءة منظومة الري وتحسين نوعية المياه. إعادة تدوير المياه المعالجة باعتبارها مصدراً لسد العجز بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات المتزايدة نتيجة الزيادة السكانية. من بينها الدراسات التي يقوم بها المركز القومي لبحوث المياه لاستخدام تقنية الاراضي الرطبة في معالجة مياه الصرف الزراعي وتحسين نوعيتها. كما استعرض نتائج التجربة التي قامت بها الوزارة لتحسين نوعية المياه من نهاية مصرف بحر البقر قبل دخولها إلي بحيرة المنزلة.. تفاصيل التجربة التي اثارت اهتمام الرئيس واطلقت طاقة نور لمواجهة العجز المائي للبلاد.. تقدمها "الجمهورية" ومعها تفاصيل المشروع الذي يعكس اهمية قيام العلماء باستخدام التقنيات الحديثة في مواجهة التحديات المائية. تبدأ بالاتفاق بين وزارتي البيئة والموارد المائية والري بواسطة المركز القومي للبحوث المائية وبمشاركة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ومحافظة بورسعيد تنفيذ المشروع المشترك التجريبي للمعالجة البيولوجية لبحيرة المنزلة علي مساحة 50 فداناً. لمعالجة مشكلة مياه الصرف الملوثة التي تصب في البحيرة عن طريق مصرف بحر البقر تقوم المحطة بمعالجة 25 ألف متر مكعب من مياه الصرف يوميا باستخدام نظام المعالجة البيولوجية كوسيلة طبيعية ومنخفضة التكاليف. ويوضح الدكتور محمد عبدالمطلب رئيس المركز أن المشروع يعتمد علي وضع وتصميم نظام بسيط يبدأ بضخ المياه من مصرف بحر البقر الي أحواض ضخمة يسمح فيها بترسيب المواد العالقة. وبعدها تمر المياه في مجموعة من خلايا المعالجة السطحية والمزروع بها البوص حيث يتم إزالة 75% علي الأقل من الملوثات مع توجيه جزء من المياه المعالجة الي المزارع السمكية والباقي يستخدم في الزراعة أو يتم اعادته الي المصرف مرة أخري ويعد المشروع نموذجاً ناجحاً لتحقيق التوازن بين الحفاظ علي الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية. مكونات المعالجة يضيف يمكن اعتبار المشروع خطوة رائدة في تطبيق طرق المعالجة البيولوجية لما له من فائدة صحية وبيئية واقتصادية حيث تصل تكلفة هذه التكنولوجيا الي 10% فقط من تكلفة الوسائل التقليدية خاصة حيث تتوفر الأرض بسعر مناسب مما يجعلها وسيلة مناسبة لمعالجة تلوث المياه وفي نفس الوقت تعتبر تكنولوجيا صديقة للبيئة مع ملاحظة أنه لا يستعمل في المعالجة أي كيماويات وكذلك صيانتها بسيطة بالمقارنة بالتكنولوجيات الأخري. ويلتقط مدير معهد بحوث الصرف الدكتور علاء عبدالمطلب باعتباره المسئول عن متابعة المشروع الحديث موضحا أن محطة المعالجة تسلمها المركز لضمان استكمال واستمرار المشروع بتحويله الي محطة للبحوث المائية خاصة لمعالجة مياه الصرف كمصدر غير تقليدي وإعادة استخدامها في مختلف المجالات. حيث يمكن الاستفادة منها في خطة الوزارة حماية البحيرات الشمالية وبالأخص بحيرة المنزلة وتخفيض أحجام التلوث الداخل لبحيرة المنزلة. اضاف ان المحطة يديرها المعهد وفريق من الباحثين والمهندسين ذوي الخبرة والكفاءة في مجال تقنيات معالجة واعادة استخدام المياه بالكيلو 3 علي مصب مصرف بحر البقر علي مساحة 200 فدان. حكاية مياه الصرف ويوضح رئيس المركز أنه عقد سلسلة من الاجتماعات مع فريق الباحثين بالمعهد لتعظيم الاستفادة من التجربة حيث تم الاتفاق علي انشاء مزرعة تجريبية وارشادية مساحتها أربعة أفدنة داخل المحطة لاستغلال المياه المعالجة الناتجة لاستصلاح أرض المزرعة وغسيل أملاحها وانتاج محاصيل تقليدية تناسب نوعية المياه "تركيز ملوحة المياه المعالجة تتراوح من 2500 إلي 3200 جزء في المليون" والتربة "تركيز ملوحة التربة تتراوح من 100 ألف الي 125 ألف جزء في المليون" نظرا لأن أراضي المحطة المعالجة تقع في زمام بحيرة المنزلة التي توصف بأنها شديدة الملوحة والقلوية وتتجاوز تركيز أملاح التربة ثلاثة أمثال ملوحة مياه البحر كما تعاني التربة من القلوية الزائدة التي تعيق الصرف الطبيعي للمياه. وبدأنا عمليات الاستصلاح عام .2011 وفي العام التالي بدأت مرحلة الاستزراع مع استمرار غسيل الأملاح بانتخاب محاصيل تتحمل ملوحة التربة الشديدة وملوحة مياه الري المتوسطة فتم زراعة حشيشة السودان خلال مواسم صيف 2012 و2013 التي استخدمت كعلف لتغذية أسماك المحطة من نوع مبروكة الحشائش. وتلا ذلك زراعة بنجر العلف خلال شتاء 2014 والذي كان انتاجه يقارب عشرين طنا للفدان. واستخدام المحصول الناتج في تغذية أسماك المحطة. كما تم تصنيع أعلاف جافة من درنات البنجر استخدمت في تغذية الأسماك خلال موسم الصيف التالي. الرصد المستمر والتطوير ويعود مدير المعهد الدكتور علاء لشرح التفاصيل قائلا من خلال الرصد والمتابعة المستمرة خلال الفترة 2012 2014 لاحظنا انخفاض ملوحة التربة الي 16 ألف جزء في المليون أي بنسبة معالجة قدرها 84% وبالتالي بدانا نفكر في التحول لاختيار زراعة محاصيل أقل حساسية للملوحة مثل بنجر السكر والدنيبة. حيث تم زراعة بنجر السكر خلال شتاء 2014 2015 كان انتاجه مبشرا بالنسبة لحالة التربة وملوحتها. بلغ انتاج الفدان حوالي "7 أطنان من البنجر" يضارع مثيله بالأراضي المستصلحة غير المالحة والتي تروي بمياه النيل العذبة. ولكن تميز انتاج المزرعة التجريبية من البنجر بارتفاع نسبة السكر بالدرنات والتي تتجاوز 22% مقارنة بحوالي 17% في انتاج أراضي الدلتا القديمة وحديثة الاستصلاح. ويوضح الدكتور عبدالعاطي اهمية النتائج التي حققها المشروع قائلا إنها تشير الي امكانية تحويل الأراضي المجاورة لبحيرة المنزلة الي أراض مستصلحة ومنتجة لمحاصيل زراعية تقليدية تدر دخلا اقتصاديا مرضيا وذلك في حالة التوسع في التجربة من قبل المواطنين قاطني البحيرة وما يحيطها من أراض بتكرار التجربة وايضا يمكنهم الاستغناء عن شراء الأعلاف اللازمة للانتاج الحيواني وذلك بانتاج محاصيل وأعلاف اقتصادية وآمنة بيئيا خاصة اننا اصبحنا نملك المعرفة ولدينا مزرعة تضم الخبراء المتخصصين وقاعدة البيانات. مشكلة الملوحة يؤكد عبدالمطلب رئيس المركز النجاح في مواجهة الملوحة الشديدة والقلوية السائدة علي الأراضي المحيطة "التربة" ببحيرة المنزلة التي كانت تؤكد استحالة زراعة أي محاصيل تقليدية أو خضراوات في تلك النوعية من التربة إلا بعد عشر سنوات من الاستصلاح وغسيل الأملاح. وكلنا نعلم أن قش الأرز أحد المشاكل البيئية الخطرة بمناطق زراعة الأرز بشمال الدلتا نظرا لسوء التعامل معه والتخلص منه عن طريق الحرق مسببا مشاكل بيئية وصحية كثيرة اشهرها السحابة السوداء. وعليه قررنا تم تنفيذ تجربة رائدة بمحطة المنزلة للبحوث المائية تتلخص في زراعة أنواع الخضراوات علي طبقات من قش الأرز بديلا عن الزراعة بالتربة الملحية القلوية. وتجهيز نظام للري بالتنقيط يعتمد علي المياه المعالجة المنتجة من المحطة. وتثبيته علي ثلاثة صفوف من بالات قش الأرز يتكون كل صف من طبقتين من البال وفرش طبقة رقيقة سطحية من قشور حبات الأرز "السرس" للمساعدة في الاحتفاظ بالماء في منطقة جذور النبات. اوضح أنه تم انتخاب أنواع من شتلات الطماطم والباذنجان والفلفل تناسب درجة ملوحة المياه المعالجة "2500 الي 3200 جزء في المليون" وزراعة الشتلات علي بالات القش مع الري بالتنقيط ولم يتم اضافة أي أسمدة كيماوية أو رش أية مبيدات حشرية وذلك لانتاج خضراوات عضوية. وقد بلغت انتاجية الفدان من محاصيل الطماطم والباذنجان والفلفل ما يعادل 20 و22 و12 طنا علي التوالي وهي انتاجية اقتصادية وتمثل مشروعا ناجحا اذا أقبل عليه سكان أراضي بحيرة المنزلة وصيادوها حيث تكون لهم مصدر دخل جيدا جدا يمكن أن يساعدهم علي تحسين مستوي معيشتهم ببيع الانتاج الزائد عن حاجاتهم الشخصية.. وهو مشروع مصري خالص يبحث عن التطبيق في مساحة اوسع ويحل مشاكل وعقبات يدركها العاملون في الحقل الزراعي والمائي.