لم تتوقف آثار الحرب العالمية الثانية علي حجم الدمار الهائل فحسب. بل امتدت آثار خسائرها البشرية فيما بعد علي نقص كبير في الأيدي العاملة اللازمة لإعادة إعمار البلاد وإدارة عجلة اقتصادها وبخاصة من الرجال. نعم.. الرجالة "المرطرطين" عندنا بالملايين علي القهاوي والغرز بلا شغلة ولا مشغلة. فضلا عن شباب ضائع "بالسيبرات" وعلي النواصي سهرا حتي الفجر وبكافتيريات المناطق الراقية كأولاد الأكابر الجدد. خلاف المتسكعين بالشوارع للفرجة علي المحلات. وعلي المتفرجين علي المحلات أنفسهم وحتي منتصف الليل أو يزيد. وتنامت البلطجة علي حساب أي عمل شريف لدي البعض الآخر بعمل أكشاك أو نصبات شاي أو استقطاع جزء من الشارع أو الطريق لعمل سويقة أو جراج خاص وتأجيره أو طاولة لبيع المنتجات الرديئة علي الأرصفة بعد انتهاء ورادي رجال المرافق ومباحث الكهرباء كهروب خاطئ من مشاكل البيوت أو منتظري ضربات الحظ ولو بالمقامرة لعاشقي أغنية "آه لو لعبت يا زهر". هذه سلوكيات تحمل تجاوزات متنوعة لبلد يعاني اقتصاديا رغم تعداده الكبير ولكن بجهود تبعثرت في الإزعاج وبداءة الألفاظ والتلوث وتنشط للأسف في المساء وإلي ما بعد منتصف الليل لتنشر القلق حتي للقلة العامة التي تنشد الراحة بعد عناء عمل يومها الطويل. وهذا أمر يبعث الدهشة لأي زائر أو سائح لبلادنا اعتاد علي غلق المحال والمتاجر غير الخدمية من الغروب في بلاده ومعظم البلدان الأخري وبخاصة المتقدمة لأنها تمثل تبديدا للطاقة والجهد البشري والذهني فيما لا ينفع. وتؤدي لانخفاض كفاءة العاملين بكافة المجالات لدينا لتصل بمتوسطها العام لأقل من 20% جاذبة باقتصادنا لأسفل. هذا في الوقت الذي نري يابانيين وعمال جنوب وشرق آسيا ترغمهم حكوماتهم علي الاستفادة بإجازاتهم بعد إدمانهم العمل وليس المنشطات أو المخدرات والحقد والنميمة والنصب وغيرها من السلوكيات السيئة التي تزايدت مؤخرا بأحيائنا. ويبدو أننا قد نحتاج لدعم المؤسسة العسكرية حتي في هذه القضية أيضا عن طريق خرط الشباب وبخاصة الألتراس ولو بصورة غير مباشرة في معسكرات أو دورات لعدة أسابيع في مصانع الرجالة. لإشعارهم بالولاء والانتماء والانضباط ليتحولوا لدعامات مفيدة في إصلاح الاقتصاد وبناء المجتمع.