** لم تكن حرب أكتوبر المجيدة سوي جولة من جولات الصراع العربي - الإسرائيلي ولكنها ستظل الحدث الأعظم في تاريخ المصريين والعرب المعاصر فقد كان انتصار القوات المسلحة المصرية في تلك الحرب موضع اهتمام للأكاديميات العسكرية في مختلف دول العالم وعندما تصر إسرائيل علي دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي المزيد من الضغوطات علي المصريين فانها تراهن علي تغييب العقل الجمعي للأجيال التي خرجت للحياة بعد حرب أكتوبر عام 1973. أقول ذلك علي خلفية الكشف عن "كتاب التاريخ" الذي يتم تدريسه في المدرسة الأمريكية بالمعادي لأكثر من خمسة وأربعين جنسية إلي جانب الطلبة الأمريكان وبينهم طلاب مصريون.. الكتاب المذكور يزيف التاريخ ويتضمن وقائع كاذبة وفاضحة بأن مصر لم تنصر في تلك الحرب وان إسرائيل قد انسحبت من سيناء طواعية لأنها - طيبة القلب - ليس فقط بل تمادي كتاب التاريخ في المدرسة الأمريكية بالقاهرة في الذهاب إلي أبعد من ذلك زاعما ان إسرائيل هي المنتصرة في حرب أكتوبر وكأن تضحيات الجيش المصري الباسل قد ذهبت أدراج الرياح.. كما ألمني ذلك الكتاب وكم جرح كبرياء المصريين وقلل من أهمية إنجازهم العسكري الذي شهدت به الدنيا بأسرها ولست أدري لماذا تم الكشف عن هذه الفرية المفضوحة الآن في ظل احتفالات مصر بالذكري الثالثة والأربعين لهذا اليوم الخالد في تاريخ المصريين علي وجه الخصوص وواقع الحال أن تلك الواقعة المخزية كشفت عن قصور واضح في أداء الأجهزة الثقافية في الداخل فلا يكفي ان تتضمن كتب التاريخ المصرية عدة وريقات تتناول فيها حرب أكتوبر المجيدة وعلي الهيئة العامة للاستعلامات أن تضاعف أنشطتها ومطبوعاتها علي الصعيدين الإقليمي والمحلي. ** ولا يختلف اثنان علي أن مثل هذا الكتاب المزعوم جزء من مخطط صهيو أمريكي لتشويه صورة جيشنا العظيم والعمل علي النيل منه باعتباره خط الدفاع الأخيرة عن الأمتين العربية والإسلامية. فواقع الحال أن تلك القضية تتجاوز وقائع التزوير بمراحل ولا يجب أن تمر مرور الكرام فالقضية سياسية بعباءة تعليمية والاحتجاج لدي السفارة الأمريكية واجب وضروري وحسناً فعلت بعض الصحف مطالبة في تحقيقات صحفية ومقالات بإغلاق تلك المدرسة ومطالبة مجلس النواب بإعداد مشروع قانون يسمح لوزارة التعليم المصرية بمراجعة مناهج الجاليات الأجنبية في مدارسها علي الأراضي المصرية كالمتبع مع المدارس الدولية. - جدير بالذكر ان المدرسة الأمريكية بالقاهرة أنشئت منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي وإذا كان المتحدث باسم السفارة الأمريكية بالقاهرة قد أنكر تبعيتها للسفارة. فإن كل الشواهد تؤكد علي وجود خطة ممنهجة لحصار المصريين علي كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والتعليمية ودعوني اختلف مع الذين يحملون الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم مسئولية التقصير في متابعة مثل تلك المدارس الدولية بمصر. فالمدرسة الأمريكية بالمعادي لا تتبع وزارة التربية والتعليم بالفعل باعتبارها مدرسة جاليات أجنبية وليست ضمن المدارس الدولية الخاضعة لرقابة الوزارة والتي تلتزم بتدريس المواد التي تحافظ علي هوية مصر والمصريين وفي مقدمتها اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية ومن ناحية أخري فإن مدارس الجاليات الأجنبية لا تقبل سوي الأجانب فقط والمصريين مزدوجي الجنسية ولكن المدرسة الأمريكية قبلت مصريين بشرط تسديد المصروفات بالدولار الأمريكي بالمخالفة للقانون. الأمر الذي يخضعها لتقنين أوضاعها بعد مخاطبة وزارة الخارجية. ** آخر الكلام : انتظر علي أحر من الجمر صدور الطبعة الثانية من كتابي: "أغلي الرجال".. شهداء حرب أكتوبر 1973 والمقرر طباعته خلال أيام بالهيئة العامة للكتاب والذي وقع أمر نشره الصديق حلمي النمنم قبل اختياره لحقيبة الثقافة بمنتصف سبتمبر من العام الماضي.. كان من المقرر ان يطرح الكتاب بمنافذ الهيئة يوم السادس من أكتوبر الفائت بناء علي تعليمات مشددة من رئيس الهيئة لكن البيروقراطية دائما ما تقف حجر عثرة دون الإنجاز في كافة المستويات ودعوني أخاطب الدكتور هيثم الحاج علي متسائلاً: ألم يكن الاهتمام بصدور مثل هذا الكتاب في توقيته المناسب خير رد علي كتاب التاريخ المزعوم..؟!