تسعي وسائل الإعلام الأمريكية الخاضعة لسيطرة البيت الأبيض مثل صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست جنبا إلي جنب مع قنوات مثل "سي ان بي سي" وبلومبرج جاهدة إلي إقناع الرأي العام الأمريكي بأن البنوك والشركات الأمريكية تقف بثبات علي أقدامها وتروج لأن الثماني السنوات من عبقرية أوباما الاقتصادية خلقت معدل بطالة أقل. وأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مقدمة السبع الكبار من حيث النمو الاقتصادي. ولكن يبدو أن صناعة الأكاذيب لن تجدي هذه المرة في ظل الحقائق التي تتكشف يوماً تلو الآخر حول الوضع الاقتصادي المخيف في أمريكا. والديون التي وصلت إلي مستويات قياسية. ومع ذلك لا تلقي واشنطن بالا بأن بوادر أزمة مالية تلوح في الأفق وقد تصبح قريبا عالمية بعد أن تضرب حي المال الأمريكي برمته. فقد ارتفعت الديون الأمريكية إلي ما يناهز 19.5 تريليون دولار وهو ما يقارب الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بالكامل وربما يتجاوزه بنهاية العام. ويشير صندوق النقد الدولي إلي أن واشنطن ستشهد أزمة مالية في المستقبل القريب ولا سيما وأن الديون الأمريكية قد ترتفع إلي ما يوازي 132% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشر المقبلة. فقد سجلت ديون الولاياتالمتحدة إلي المملكة العربية السعودية وحدها نحو 116.8 مليار دولار في مارس الماضي. في حين لا تزال الصين واليابان أكبر الدائنين لأمريكا حيث يستحوذ كل منهما علي ما يعادل مليار دولار في سندات الخزانة الأمريكية ويشير عدد من المحللين إلي أن الدين القومي للولايات المتحدة يفوق إجمالي ما يمتلكه العالم من العملات والذهب والفضة مجتمعة. تحذير ستوكمان ورغم التحذيرات المتوالية من الوضح الكارثي للاقتصاد الأمريكي والتي كانت أبرزها من ديفيد ستوكمان المدير السابق لمكتب الإدارة والميزانية في عهد الرئيس ريجان والذي حذر من أن واشنطن تواجه فقاعة ضخمة علي وشك أن تنفجر. إلا أن إدارة أوباما ضربت عرض الحائط بجميعها. وكان يسود اعتقاد أن حرباً كبري قد تسهم في تخليص واشنطن من كل هذه الديون. وكلما انخرطت فيها عدد كبير من جنسيات مختلفة ساهم ذلك في شطب المزيد من الديون. وهذه هي العقيدة التي طبقتها إدارة أوباما عبر مشاركة القوات الأمريكية في جميع النزاعات حول العالم. ولكن انقلب السحر علي الساحر وبدلاً من أن تساهم الحروب التي أشعلتها أمريكا في خفض أو شطب ديونها. أدت إلي مزيد من الخسائر وتفاقم ديونها. وهذه ما أكدته دراسة حديثة لمعهد واطسون للدراسات الدولية التابع لجامعة براون الأمريكية والحقيقة أن الديون الأمريكية ارتفعت بمعدل الضعف خلال ولاية أوباما. حيث لم تكن تزيد علي 10 تريليونات دولار بنهاية ولاية جورج بوش الابن. وبحسب توقعات الخبراء فسوف ترتفع إلي مستويات مخيفة. الابتزاز الأمريكي وكل هذه الحقائق تفسر لنا إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون ¢جاستا¢ المعيب الذي يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر برفع دعاوي قضائية ضد السعودية والحصول علي تعويضات لدور السعودية المزعوم في تلك الهجمات وبالتالي يمكن علي أثرها تجميد أو مصادرة الأصول السعودية في أمريكا والتي تصل إلي 750 مليار دولار. والواضح أن التربص الأمريكي يتجه الآن نحو السعودية بعدما انفضت واشنطن من العراق واستنزفت موارد الدول الخليجية برمتها. فلم تكتف واشنطن مما أخذته في صفقات الأسلحة التي أبرمتها مع السعودية والتي بلغت نحو 42 صفقة خلال ولاية أوباما بإجمالي يصل إلي نحو 110 مليارات دولار وغيرها من الصفقات مع الدول الخليجية بل تسعي إلي اقتناص المزيد ولا سيما وأن هذه الأصول موجودة علي أراضيها وتحت قبضتها. مطلوب إجراءات عربية وإذا كانت النية مبيتة ضد السعودية. فهل ستبادر الرياض إلي اتخاذ إجراءات مماثلة تتجاوز سحب الأصول والاستثمارات السعودية؟ وهل ستبادر الدول العربية إلي اتحاذ إجراءات تتجاوز التحذير والإدانة؟ لا شك أن الدول العربية مدعوة جميعاً إلي سن تشريعات مماثلة يمكن بموجبها رفع دعاوي ضد الولاياتالمتحدة. يكفي فقط ما جره العدوان الأمريكي علي العراق من ويلات ودمار وما ارتكبه جنودها من انتهاكات وحشية بحق العراقيين. ويضاف إلي ذلك غاراتها ضد السوريين. ودعمها السياسي والعسكري للإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وغيرها من جرائم يطول سردها تقع بيد أمريكا أو في ظل رعايتها.