النفحات التي تسبق العام الهجري تجعل منه بداية محترمة لشخص تجدد بتجدد العام فالثلث الأخير من العام ما أراه إلا تجهيزا لاستقبال شهر المحرم بداية العام الهجري.. بداية من شعبان حيث رفع الأعمال ليصفي الإنسان حساباته الإيمانية مع ربه قال تعالي: "من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور" "فاطر 10" مرورا بليلة النصف من شعبان حيث تغفر فيها الذنوب وتستر العيوب.. عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ان الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.. ثم يأتي شهر رمضان بما فيه من خير مضاعف يتزود فيه العباد من الحسنات بشكل لا يتوقعه أحد فالسنة فيه تعدل فرضا والفرض فيه يعدل سبعين والعمرة فيه تعدل في ثوابه حجة مع رسول الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي: أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا وأما الثانية فإن خلوف افواههم حين يمسون اطيب عند الله من ريح المسك وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة وأما الرابعة" ص: 146" فإن الله عز جل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلي داري وكرامتي وأما الخامسة فإنه إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا" فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ فقال: "لا. ألم تر إلي العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم؟" فضائل الأوقات للبيهقي ص: 145 ثم يستقبل المسلمون من بعد ذلك أشهر الحج وما فيها من خير عميم ونعيم وفير "شوال - ذي القعدة - ذي الحجة" يخرج في تلك الأيام من ذنوبه من حج له عظيم الأجر أقبل رجل من الانصار علي رسول الله يسأله عن شيء فقال له النبي: "ان شئت اخبرتك عما جئت تسأل وان شئت سألتني فأخبرك" فقال لا يا نبي الله أخبرني عما جئت اسألك قال: جئت تسألني عن الحاج ما له حين يخرج من بيته وما له حين يقوم بعرفات وما له حين يرمي الجمار وما له حين يحلق رأسه وما له حين يقضي آخر طواف بالبيت فقال يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما اخطأت مما كان في نفسي شيئا قال: فإن له حين يخرج من بيته ان راحلته لا تخطو خطوة إلا كتب له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة فإذا وقف بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلي السماء الدنيا فيقول انظروا إلي عبادي شعثا غبرا اشهدوا اني قد غفرت لهم ذنوبهم وان كان عدد قطر السماء ورمل عالج ورذا رمي الجمار لا يدري أحد له ما له حتي يوفاه يوم القيامة وإذا حلق رأسه فله بكل شعرة سقطت من رأسه نور يوم القيامة وإذا قضي آخر طوافه بالبيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. صحيح ابن حبان. ومن لم يحج فقد صام يوم عرفة حيث قال رسول الله عن فضل صيامه "صوم يوم عرفة كفارة سنتين: سنة ماضية وسنة مستقبلة وصوم يوم عاشوراء كفارة سنة" مسند أحمد.. كل هذا التجهيز ليستقبل المسلم عامه الهجري الجديد وقد ولد من جديد ليكون انطلاقة جديدة بدايتها شهر المحرم وهو من الأشهر الحرم حيث يضاعف فيه الحسنات يقول عنه رسول الله "خير الصيام بعد رمضان ما كان في شهر الله المحرم" وفيه يوم عاشوراء وهو من مكفرات الذنوب ليكون العام الهجري الجديد بداية انطلاقة ايمانية جديدة لإنسان جديد.