شهدت الإسكندرية عرض أول فيلم أجنبي ناطق في مصر. وهو الفيلم الأمريكي "ابنة بوتيكو كولي" بتاريخ 14 مارس 1928 في سينما الهمبرا بمحطة الرمل. وحقق نجاحاً كبيراً جعل صناع السينما في مصر يقتنعون بأهمية ادخال الصوت إلي الصورة خاصة بعد نجاح فيلم "زينب" الصامت. كانت البداية مع فنان المسرح الكبير يوسف وهبي "1898 1982". الذي فكر في تحويل مسرحيته المعروفة آنذاك "أولاد الذوات" لفيلم ناطق واتفق مع المخرج محمد كريم علي اعادة كتابة المسرحية واعدادها للسينما. وبعد دراسات مستفيضة أسفرت عن تقسيم العمل الي مرحلتين.. الأولي: أن يتم تصوير المشاهد الصامتة في مصر وهو ما يقرب من نصف الشريط السينمائي. علي أن يتم تطوير معدات ستوديو رمسيس بما يتناسب مع الفيلم الجديد. وقرر كريم اسناد تصوير "أولاد الذوات" إلي اثنين من مديري التصوير الكبار جاستون مادري وهوليودي لوكا وهما من مدرسة الإسكندرية في التصوير. والمرحلة الثانية: تصوير الأجزاء الناطقة من الفيلم في ستوديو بينسون في باريس. وبدأ ترشيح الممثلين لأدوار البطولة ومنهم دولت أبيض وسراج منير و حسن البارودي ومنسي فهمي وآخرين من أعضاء فرقة رمسيس وكان من الطبيعي أن يقوم يوسف وهبي بدور البطولة وهو نفس الدور الذي قدمه علي خشبة المسرح ورشحت الفنانة بهيجة حافظ للقيام بدور البطولة ولكنها اختلفت مع يوسف وهبي فأسند الدور إلي أمينة رزق بطلة فرقة رمسيس في ذلك الوقت. بعد الانتهاء من تصوير فيلم "أولاد الذوات" ما بين القاهرةوباريس تم عرضه في 14 مارس 1932 واستمر 14 أسبوعا متتالية في سابقة هي الأولي في السينما المصرية وحقق أرباحا غطت تكاليفه الباهظة بمعيار ذلك الزمان ويعود النجاح الي حالة الدهشة والانبهار التي شعر بها المشاهد عندما رأي نجوما تعلق بهم يتكلمون بأصواتهم الحقيقية علي الشاشة للمرة الأولي وهو ما شاهدوه من قبل في الأفلام الأجنبية فقط ولا تستطيع اغفال دور المخرج الرائد محمد كريم في ميلاد هذا الحدث الفني الكبير والذي تكرر بنجاح أيضا مع الموسيقار محمد عبدالوهاب في فيلم "الوردة البيضاء" عام 1933 وتم تسجيل الصوت في باريس أيضا. وفي نفس تلك الفترة انتهي المخرج ماريو فولبي من تصوير فيلم "أنشودة الفؤاد" بطولة المطربة نادرة والذي عرض في 14 ابريل عام 1932 بعد شهر كامل من عرض "أولاد الذوات" وقد اضاف "أنشودة الفؤاد" ريادة أخري للسينما المصرية بوصفه أول فيلم غنائي مصري ناطق. بعد عام من عرض "أولاد الذوات" وفي 7 مارس 1934 تم وضع حجر الأساس لاستوديو مصر كأول منظومة صناعية سينمائية متكاملة مختلف شكلا وموضوعا عن كل ما سبق تقديمه والفضل في ذلك يعود للاقتصادي الكبير طلعت حرب أول من سعي لايجاد صناعة سينمائية وطنية.