كلمة التسامح هي كلمة جميلة لها معاني إلاهية بل معاني ذات نوع من الحب والأمل والتفاؤل فالتسامح أساس العلاقات السوية بين بني البشر. التسامح يسمو به الإنسان إلي كل ما هو خير وجميل. وهذه المعاني تعبر عن الدعامات التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي المؤسس علي الترابط الأخوي. كما أن التسامح دعوة صادقة لكيفية إشاعة المحبة وروح الألفة والنهي عن الكراهية والبغضاء التي تتسلل إلي ما بين الأحبة وتنتشر كل فترة من الأيام لاشعال نار الفتنة ووعر النفوس بغير أسباب حقيقية إلا بهدف هدم كيان المجتمع وتقويض بنيانه ومن أجل ذلك اعتني الإسلام أشد العناية بتوجيه الإنسان المؤمن وحثه علي تحمل المكاره بالصبر والحكمة وجعل لذلك قاعدة من أهم القواعد الإسلامية ومنهجاً محدداً يقوم علي حسن الأسوة برسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يقول المولي عز وجل: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" وكان الرسول صاحب الخلق العظيم يتسامح في أقصي المواقف وأشد الأزمات التي كانت تعترضه وليس ذلك التسامح استهانة بالنفس الإنسانية وإنما هو لرفعة قدرها بالعفو عند المقدرة ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة. وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" "رواه البخاري" فالإسلام وضع ضوابط دقيقة في كل المعاملات الحيوية في المجتمع الإسلامي تحول دون الخلاف ودون الاستغلال لمنع المنازعات والمشاحنات حرصاً علي سلامة العلاقات الطيبة في مسالك الوحدة الاجتماعية والترابط والتراحم الذي ألزم به كل مسلم ليحافظ الناس علي صلات الود فيما بينهم سواء كانت بين الأقارب أو الأصدقاء والجيران والأخوة في الله والزملاء في العمل والرفاق في الطريق وغير ذلك ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه" "رواه البخاري". والمعني في ذلك محمول علي عموم الأخوة في الإسلام وغير الإسلام والمفهوم أيضاً عن المحبة هي إرادة الخير والمنفعة استناداً إلي المحبة الدينية لا البشرية لأن النفس والطباع البشرية متقلبة وقد تكره حصول الخير للغير ولذلك كان علي الإنسان أن يخالف الطباع البشرية ويدعو لأخيه ويتمني له ما يحب لنفسه بدعاء البر والإحسان وكلاهما فضيلتان من فضائل حسن التعامل في الإسلام التي أوصي بها الإنسان المؤمن وان يرتفع عن هفوات آحاد الناس ويبقي صدره متسعاً بالرحمة والمشاعر الفياضة بالحلم وكرم الأخلاق والذي دائماً يستبيح الأعذار للقريب والبعيد ويتقبلها بالقول اللين والرفق بهم. حيث يقول المولي عزل وجل: "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي والله غني حليم" "سورة البقرة آية 263".