إن تعميم موضوع الخطبة المكتوبة الذي تسعي وزارة الأوقاف إلي تطبيقه ليس صراعاً مع أحد. ولا ينبغي أن يكون. إذ يجب علينا جميعا أن نعطي الأنموذج والمثل في الألفة والتعاون علي البر والتقوي والمصلحة الوطنية. وأن نعليها كل اعتبار. وأن يحسن بعضنا الظن ببعض. إذ يستبعد بل قد يستحيل أن يجمع الناس علي أي جديد يكسر المألوف والمعتاد. فكل ما يخص الأمور التنظيمية بما لا يصادم إجماعاً ولا نصا شرعيا قطعي الثبوت والدلالة فهو مما يحتمل الخلاف والرأي والرأي الآخر. ويدخل في إطار قول الإمام الشافعي "رحمه الله": قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب. ويدخل في إطار قول عالم ان يحتكر الصواب فيما يحتمل الخلاف. فمن اجتهد فأصاب فله أجران. ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد. غير أن رأي ولي الأمر أو من ينوب عنه يقطع الخلاف فيما يحتمل الخلاف. وقد ارتأي القطاع الديني بوزارة الأوقاف في إطار اختصاصه في تنظيم الشأن الدعوي والإداري بوزارة الأوقاف أن الخطبة المكتوبة تحقق مصلحة شرعية ووطنية معتبرة في إطار خطة ومنهجية شاملة لنشر الفكر الاسلامي المستنير وكبح جماح الفكر المتطرف وحرمانه من أي محاولة لاختطاف الخطاب الديني مرة أخري. بل العمل وبقوة وسرعة وحسم علي استرداد ما اختطف منه في عام الاخوان الأسود وما سبقه من سنوات عجاف شداد علي الخطاب الديني. إن تأييد هذا الأمر تجاوز قيادات وأئمة الأوقاف إلي عشرات العلماء الذين لا يقل حماس بعضهم للخطبة المكتوبة عن علماء وقيادات وأئمة الأوقاف لما يرونه فيها من مصالح معتبرة. وقد أجمع قيادات الوزارة وأجمعنا معهم علي أن المصلحة الشرعية والوطنية من وجهة نظرنا علي أقل تقدير تقتضي منا المضي قدماً وبعزيمة قوية في تطبيق الخطبة المكتوبة الموحدة. عبر الحوار والإقناع دون قهر أو إكراه. مؤكدين أن زمن القهر قد ولي دون رجعة. وأن سبيلنا التواصل ثم التواصل والحوار ثم الحوار. علي أنه لا يوجد نص شرعي أو قانوني يمنع الخطيب من أداء خطبته مقروءة طالما أن هذه هي قناعاته. وأنه يري فيها ما يعبنه علي توصيل رسالته علي الوجه الأفضل.مع أننا مازلنا في مرحلة نشر خطبة استرشادية يمكن للخطيب أن يلتزم بها أو بجوهرها. علي أن يلتزم بضابط الوقت المحدد ما بين خمس عشرة إلي عشرين دقيقة وبجوهر الموضوع. وعدم الخروج عن مضمونه العام إلي أي إطار آخر. خاصة إذا كان هذا الخروج خروجاً بالموضوع عن مساره ومحتواه. وسنظل نتواصل مع أئمتنا تباعاً حتي يجني المجتمع كله ثمرة هذه التجربة التي نتفاءل بأنها ستكون أحد أهم وسائل نشر الفكر الإسلامي المستنير في إطار استراتيجية الأوقاف لنشر صحيح الإسلام. داخل مصر وخارجها وبما يحقق ما نصبوا إليه جميعاً من قيادة مصر لنشر الفكر المستنير في العالم كله "وما ذلك علي الله بعزيز" "إبراهيم: 20" والله من وراء القصد. وهو حسبنا ونعم الوكيل. وهو الموفق والمستعان.