في تحذير قوي ومثير فإن اللواء عبدالرافع درويش رئيس حزب فرسان مصر تحدث عن غياب مفاهيم العدالة الاجتماعية قائلاً إن "طبق المسقعة أصبح بعشرين جنيهاً واحنا كده منتظرين ثورة جياع"..! واللواء درويش في حديثه لإحدي القنوات التليفزيونية أشار ايضا إلي معاناة الشباب في الحياة وعدم استطاعتهم توفير نفقاتها. وحديث اللواء درويش الذي يحمل دوافعاً وطنية وغيرة علي الوطن وتخوفاً من تفاقم الأوضاع يخلو ايضا وكما هي العادة من برنامج وبدائل واضحة ويعتمد علي الخطاب العاطفي الذي يدغدغ مشاعر البسطاء وينال تصفيقهم. فالشباب الذي يجلس علي المقاهي في انتظار الفرج أو الذي يعتصم في الشوارع بحثاً عن الوظيفة الميري لأنه حصل علي درجة علمية يعتقد أنها ضرورية ومفيدة. هذا الشباب هو الذي يهدر بنفسه قدراته وامكانياته وطاقته. فإذا كان في مصر نسبة عالية من البطالة وانعدام لفرص العمل فكيف نفسر وجود كل هذه الأعداد من السوريين الذين يغزون الآن كل المجالات الحياتية في مصر والذين يقيمون وينفذون العديد من المشروعات بنجاح وثقة وحيث نالوا في ذلك سمعة طيبة وانتشاراً واسعاً خاصة في مجال المطاعم والمأكولات والمفروشات والأثاث والتجميل..! وحين يتحدث البعض عن تطبيق العدالة الاجتماعية فإنهم لا يحددون لنا ما الذي يقصدونه من ذلك. وما الذي في مقدور الدولة أن تقدمه لتلافي الأزمات الاجتماعية المحتملة. إن الدولة مثلها كأي دولة في عصر الاقتصاد الحر لا تستطيع أن توفر فرص العمل أو أن تلتزم بتعيين الخريجين ولا بتقديم اعانات البطالة ايضا خاصة إن الظروف غير ميسرة لذلك.. وليس في مقدورها إلا أن تحصل علي الضرائب المستحقة لتقيم بها مختلف المشروعات. وتجنب ثورة الجياع والعجز عن توفير "طبق المسقعة" لن يكون من خلال القرارات التعسفية أو الجامحة التي يمكن أن تسبب خللاً كبيراً في بنية الدولة وإنما يكون في البحث عن أفكار خلاقة تعيد اكتشاف الأمة المصرية وتفجير طموحاتها وإبداعاتها وتوظيف قدراتها وشبابها لتكريس الاستقرار المجتمعي الذي يضمن ويحقق النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات والخروج من الحصار الاقتصادي الصعب الذي نواجهه والذي ينعكس علي البعد الاجتماعي وزيادة عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها. *** وعلي الهواء مباشرة كان هناك خلاف بين وزير التنمية المحلية ومحافظ الإسكندرية واتهامات متبادلة وتكسير عظام. والخلاف الذي تابعه الرأي العام يستدعي إقالة الاثنين معاً والإطاحة بهما فهو تقليل من "هيبة الدولة" ومن مكانتها وتشجيع للتجاوز والاستقواء بالرأي العام و"السوشيال ميديا" في قضايا إدارية ونظامية حكومية لا تناقش في الفضائيات وإنما داخل القاعات الرسمية وفي إطار الالتزام الوظيفي والمصلحة العامة. لقد كان ما شاهدناه دليلاً آخر علي أن الفوضي قد أصبحت منظومة..! *** ونعود إلي التاريخ وذكري ثورة 23 يوليو وما يقوله نجل المشير عبدالحكيم عامر من أن مصر قد اختزلت ثورة يوليو في جمال عبدالناصر فقط وتجاهلت بقية الرفاق الذين قاموا بالثورة معه. ونسي نجل المشير أن يقول.. كما أنها اختزلت نكسة 1967 في عبدالحكيم عامر فقط مع إن جمال عبدالناصر كان هو المسئول الأول عن الهزيمة وهو من ضحي بعامر لإرضاء الجماهير ولكي يظل في السلطة!! وهذه هي السياسة واحد يموت أو ينتحر ليعيش غيره ويبكي عليه. والتاريخ للأقوي ولمن يبقي..! *** وتعالوا نعيش مع الأمل في أننا نستطيع أن نكون وسنكون إذا أخصلنا النوايا وتحدثنا في المستقبل وما الذي يمكن أن نفعله. والنائب سامي حبيب يتبني اقتراحاً إنسانياً نبيلاً يمثل تطوراً في الفكر وحقوق الإنسان. فهو يدعو إلي صرف خمسمائة جنيه شهرياً للأشخاص ذوي الإعاقة لمساعدة أسرهم في رعايتهم ولتحمل الدولة جزءاً من متطلبات العلاج لهؤلاء الأشخاص. وهذا الاقتراح معمول به في العديد من الدول العربية التي تصرف هذه الإعانة الشهرية لكل معاق خاصة لفاقدي السمع والبصر والإعاقة الجسدية التي تمنع الحركة. واقتراح النائب سامي حبيب يفتح باب الأمل في أن القوانين الخاصة بمساعدة المعوقين سوف يتم تطبيقها والالتزام بها وأن الإنسان في بلادنا سيعامل بقدر أكبر من الأدمية والاحترام. *** وما دمنا نتحدث عن الإنسان. فإن ما يحدث في شوارعنا لا علاقة له بالسلوك البشري أو الإنساني. فنحن في حرب مرورية. ومن يخرج من بيته ليقود سيارته فهو مفقود إلي أن يولد من جديد بالعودة سالماً. فالرقابة المرورية شبه غائبة والناس في سباق من أجل الموت.. ولا أحد يكترث بالقواعد المرورية ولا أحد يحرص علي سلامة غيره..! والسلوك المروري هو أخطر مشكلات مصر التي تهدد كل شيء والتي تضر بسمعتها والأمان فيها. والحكومة الهندية لكي تواجه الانفلات المروري وانفلات السائقين فرضت عقوبة جديدة علي المخالفين تتمثل في إجبارهم علي زراعة الأشجار في الشوارع ومسئولية رعايتها كجزء من مبادرة لخدمة المجتمع. ونحن في حاجة إلي أفكار وعقوبات مفيدة يتم تطبيقها بحزم وصرامة لكي يدرك الناس ويستوعبوا معني وضرورة الانضباط المروري..! إننا أمة تنتحر في الشوارع كل لحظة.. ولا توجد بوادر علي أن هذا الانتحار الجماعي سوف يتوقف أو تقل معدلاته..! *** وأخيراً فإن أصحاب المعاشات عليهم أن يقيموا تمثالاً للبدري فرغلي رئيس اتحاد المعاشات. فهو وحده يمثل حزباً كاملاً ولولاه ما كان هناك صوت لأصحاب المعاشات ولكانوا قد ماتوا من القهر والمعاناة..!