للماضي ذكريات في حياة كل انسان. قد تكون جميلة فيعود إليها لتجمل حاضره المعقد والمليء بالصراعات. أو تكون حزينة فيحاول نسيانها. ولاشك أننا جميعا نحن لفترة الطولة لأنها كانت بلا مسئوليات. وسنوات الطفولة في حياة جيل الوسط تعود إلي فترة الستينيات التي بدأ فيها التليفزيون ارساله بعدما كانت الإذاعة هي المصدر الوحيد للإعلام والترفيه والتثقيف والتوعية للمصريين. تلك الفترة كانت ثرية بما حملته من احداث وتواجد شخصيات مصرية فذة في كل المجالات سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفنيا وصحفيا وكتاب وأدباء. وفعاليات أثرت في عقول الأجيال وأبدعوا فيها. وهاهي التسجيلات الاخبارية والبرامجية القديمة والأعمال الدرامية من روائع تراث الفيديو التي تعرضها قناة "ماسبيرو زمان" تثبت ما زقول وتؤكد أن من فقدناهم بالموت أو الابتعاد لكبر السن وإن كانوا نادرين كانوا شخصيات رفيعة القدر والمكانة وسيظل عطاؤهم نبراسا للأجيال الحالية التي تعمل في نفس المجالات. ولأني من عشاق افلام السينما المصرية وتراث التليفزيون الأبيض والأسود. فإنني حين بدأت قناة "ماسبيرو زمان" بدأت أتابعها بشغف. لأني حين كنت طفلة لم أكن بالطبع علي ما أنا عليه الآن من معرفة وخبرة بما كان في ذلك الوقت من احداث أو نجوم المجتمع. والحقيقة وبنظرة موضوعية اقول إن ساعات الارسال القليلة والقنوات المعدودة التي بدأ بها التليفزيون ارساله كانت اكثر افادة ومتعة للمشاهدين من الآن بما كان فيها من برامج ولقاءات وأخبار وأحداث سجلتها جريدة مصر السينمائية بالكاميرا. فكانت بمثابة وثائق تاريخية يمكننا الرجوع إليها للتثبت من بعض القضايا والأحداث. ومن متابعتي هذا الأسبوع لهذه القناة لفتت نظري الفنانة ميرفت أمين ليست كممثلة ولكن كمذيعة تقدم برنامج "سينما القاهرة" الذي اخرجه ابراهيم الشقنقيري. وكانت تتبادل تقديمه مع الفنانة ناهد جبر. حيث تتجول كل منهما بالكاميرا في استديوهات السينما لتلتقي مع أبطال الأفلام الجديدة ومخرجيها. في حوار حول قصة الفيلم والدور الذي يقدمه الممثل أو الممثلة. أو اللقاء مع أسر فنية في بيوتهم ليتعرف الجمهور علي حياتهم الشخصية واحدث اعمالهم. ومما قدمته ميرفت كان لقاء في استديو مصر مع المخرج حسن الإمام اثناء تصويره فيلم "بنت بديعة" الذي قامت ببطولته الفنانة سميرة أحمد وكانت ولأول مرة تقدم شخصية راقصة. فكان لقاء الذكريات لأنه أعاد لنا المخرج حسن الإمام صوت وصورة وأسلوبه في الاخراج. حيث كان متواجدا في كل مشهد قبل التصوير يوضح للبطلة الحركة في اللقطة وما يجب عليها في الأداء من تعبير لتصل الشخصية بصدق إلي الجمهور. والذي يؤكد ما أقول أن سميرة أحمد اعترفت في اللقاء بأن حسن الإمام هو الذي علمها ودربها علي الرقص في هذا الفيلم.. أما الأسرة الفنية التي التقت معها ميرفت فكانت الفنانة سامية جمال والنجم رشدي أباظة لأن سامية كانت في عام 1972 ستعود إلي السينما معه بعد غياب عشر سنوات في فيلم "الشيطان والخريف" الذي ألفه الكاتب الراحل رأفت الخياط. وقد تشعب الحوار بين التمثيل والأدوار الفنية وزواج الفنانين بين النجاح والفشل. وفي نفس الحلقة كان اللقاء حول قضية تثار دائما في كل فترة وهي "سينما الشباب" واستضافت للحديث عنها زميلنا الكاتب الصحفي الراحل محمد الحيوان. فأجابها بخبرة السنين بأن الموهبة لابد من صقلها بالتدريب والعمل المستمر وان يستفيد الشباب من خبرة الكبار في كل المجالات وأن الجمهور في النهاية هو الحكم.. وبالتأكيد ان جمهور المشاهدين الآن هو الحكم أيضا علي ما يعرضه التليفزيون من مسلسلات وبرامج ومقارنته بما كان زمان وتعرضه قناة ماسبيرو حاليا..