يعتقد البعض أنهم انفردوا حصرياً بالتعاسة والشقاء في حين يرون الآخرين ينعمون بالراحة والرخاء لكننا لو تأملنا حياتنا وحياة الكثيرين من المحيطين بنا ممن نعرفهم عن قرب أو حتي ممن لا نعرفهم لوجدنا أن الطابع الغالب علي حياة الكثيرين هو السخط وعدم الرضا فنري وجوهاً متجهمة ربما لم ترتسم عليها الابتسامة منذ ردح من الزمان. كل منا لديه مسئوليات وضغوطات تمثل حملاً علي كاهله لكننا لو تدبرنا الأمر لوجدنا أنفسنا شركاء في زيادة أعبائنا فنكلف أنفسنا ما لا نطيق الي الحد الذي يجعل القشة في لحظة ما قادرة علي أن تقسم ظهر البعير فمن خلال مشاهدتنا للدراما التليفزيونية وحياة الرفاهية المعروضة طوال الأربع وعشرين ساعة علي شاشات التليفزيون نعتقد أن هذه هي الحياة التي ينبغي أن نعيشها فنلعن وجودنا في حياتنا الواقعية وينتابنا شعور بالظلم والقهر الاجتماعي ونكون بذلك السبب الرئيسي لتعاستنا وشقائنا كان أحد المحاضرين يلقي محاضرة عن ضغوط وأعباء الحياة فأمسك بكأس من الماء وسأل طلابه ما وزن هذا الكأس في اعتقادكم فتراوحت اجاباتهم بين خمسين جراما إلي خمسمائة جرام فقال لهم في الحقيقة ان وزن الكأس يعتمد علي المدة التي أظل فيها ممسكاً به فلو رفعته لمدة دقيقة لن يحدث شيء ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم لكن لو حملته لمدة يوم فربما تستدعون الاسعاف الكأس في الحقيقة له نفس الوزن لكن يزداد ثقله كلما طالت مدة حملي له هكذا نحن لو حملنا مشاكلنا في جميع الأوقات فسيأتي الوقت الذي لا نستطيع فيه مواصلة حياتنا والأعباء سيزداد ثقلها مع الوقت لكن ما يجب علينا هو أن نضع أعباءنا بين الحين والآخر لنتمكن من استعادة النشاط مرة أخري. لكي نرتاح يجب أن نعيش حياتنا بإمكانياتنا ونتكيف معها وفقاً لظروفنا وألا تكون أعيننا دائماً مصوبة تجاه حياة غيرنا فنحمل أنفسنا أعباء فوق طاقتنا لكي نرتاح لابد أن نواجه مشكلاتنا ونحاول حلها ونتخذ فيها القرار الذي يؤدي الي راحتنا بما يرضي الله تعالي وألا نتجاهل هذه المشكلات أو نتهرب منها فتتراكم وتتضخم الي الحد الذي لا نستطيع فيوقت من الأوقات حلها. وأنه لمن العجب أنه حتي عندما قيلت مقولة "محدش مرتاح" ردد الناس "يا بختك يا محدش" فلم يسلم حتي محدش من الغيرة والحسد سبب تعاستنا وشقاءنا في الواقع هو أننا ننظر دائماً لما في يد غيرنا ونتناسي أن الله أنعم علينا بنعم لا تعد ولا تحصي يا بختي أنا ويا بختك أنت ومن الآن فصاعداً لن أقود أبداً "يا بختك يا محدش".