في عمق الصحراء الغربية بصعيد مصر.. يتجدد الأمل في حياة جديدة ومستقبل أفضل.. بشائر التنمية والخروج من الوادي الضيق وإتاحة فرص عمل واستثمار جديد لأجيال كثيرة قادمة عادت ترفرف بعد سنوات طويلة من الحرمان علي محافظاتجنوب الوادي.. شرايين جديدة للحياة بدأت تتدفق بها المياه التي تم استخراجها علي أعماق كبيرة من باطن الأرض وسط مئات الآلاف من الأفدنة للأراضي الصحراوية القابلة للزراعة ضمن المشروع القومي لزراعة المليون ونصف المليون فدان الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي. أمل جديد للشباب للخروج من الوادي الضيق إلي الأراضي الشاسعة غير المستغلة.. خلايا عمل علي مدي 24 ساعة يومياً يسابقون الزمن من أجل أن تتحول صحراء مصر الجرداء إلي أراض خضراء ومجتمعات عمرانية زراعية صناعية متكاملة. تعد منطقة غرب المنيا أو التي يطلق عليها "سهل المنيا" كبري المناطق.. حيث تشمل 370 ألف فدان مستهدف لها أن تخدم مليوناً و113 ألف نسمة. كانت البداية محور التنمية الجديد بني مزار- البويطي بطول 196 كيلو متراً الذي يمتد من البحر الأحمر شرقاً مروراً بكوبري بني مزار علي نهر النيل ثم يمتد غرباً حتي الواحات البحرية.. هذا الطريق الذي تشغيله تجريبياً منذ عدة أشهر وتبلغ تكلفته 750 مليون جنيه وتم الانتهاء من أحد اتجاهي الطريق كمرحلة في ربط هذه المجتمعات الجديدة التي تمتد علي جانبيه حتي الواحات ثم إلي واحة سيوه. كما يربط الصعيد بالبحر الأحمر مروراً برأس غارب. دراسات أولية منذ أكثر من عام بدأت الدراسات حول مياه الخزان الجوفي بالمنطقة التي جاءت مبشرة ومطمئنة ومنذ شهور قليلة دقت ساعة العمل في منطقة غرب المنيا لاستصلاح وزراعة مئات الآلاف من الأفدنة وإنشاء مجتمعات ريفية جديدة أطلق عليها "مشروع الريف المصري الجديد" للخروج من الوادي الضيق إلي المساحات الكبيرة غير المستغلة من الأراضي الصحراوية التي أطلق عليها سهل المنيا. خلايا عمل هنا تعمل ليلاً ونهاراً علي أرض غرب المنيا من الشركات التي بدأت العمل في دق الآبار والذين يعدون المخططات العمرانية وجميع أجهزة الدولة التي تتابع بشكل يومي تذليل كل العقبات وفق اتفاقية وقعت بين وزارات الزراعة والري والبترول والإنتاج الحربي. جميعهم يسابقون الزمن من أجل تحويل تلك المساحات الصفراء إلي زراعات خضراء ومجتمعات عمرانية صناعية زراعية متكاملة تستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا في توفير الطاقة. المستقبل هنا علي أرض غرب المنيا يتمثل في مخطط يضم قري جديدة تجمع بين التراث والحداثة تضم كل قرية 2000 منزل ريفي إلي جانب قري زراعية سعة 1000 منزل وتقسيم الأراضي إلي مساحات صغيرة بواقع 5 أفدنة حتي يكون لكل أسرة جديدة منزل وقطعة أرض يربطها بالوادي محاور جديدة للتنمية أهمها محور البهنسا- البويطي الذي يمتد حتي البحر الأحمر شرقاً والوادي الجديد غرباً. مجتمعات حضارية هذا المشروع يهدف إلي خلق مجتمعات حضارية صديقة للبيئة "ريف مصري جديد" لحل مشاكل مجتمعات الوادي المكتظة بالسكان ونقص الموارد والطاقة وبعيداً عن الأزمات المرورية وتلوث البيئة وتوفير مستقبل واعد لأبناء مصر خارج الوادي الضيق. المرحلة الأولي في محافظة المنيا تتضمن استصلاح 220 ألف فدان بمنطقة غرب المنيا التي تبعد عن مدينة المنيا بحوالي 38 كم ومدينة بني مزار حوالي 60 كم من خلال حفر 756 بئراً مياه جوفية. وجار حفر 272 بئراً كمرحلة أولي تكفي لزراعة 80 ألف فدان. وقد بدأ بالفعل الانتهاء من حفر عدد كبير من الآبار منها ما هو للزراعة فقط ومنها ما هو للشرب والاستخدامات الأخري. الاكتفاء الذاتي المشروع يتكون من عدة مجموعات من القري التي تتميز بالفكر التصميمي الذي يجمع بين التراث والحداثة. هذه القري سوف تعمل بنظرية الاكتفاء الذاتي.. حيث ستتوافر بها محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية ومحطتا معالجة وتدوير مخلفات. ومعالجة مياه الصرف الصحي. وأخري لتنقية مياه الشراب. وشبكة إنارة بالطاقة الشمسية. بالإضافة إلي إنشاء مناطق تجارية وصناعية تضم أسواقاً وتوكيلات تجارية وورش وصناعات للمنتجات الزراعية ومنطقة خدمات لوجيستية. أما المنطقة السكنية المخطط إقامتها تتوسطها منطقة خدمات متكاملة لتلبية احتياجات المواطنين مثل المدارس والوحدات الصحية والجمعية الزراعية والمخبز وغيرها.. ولقد روعي في التخطيط أن النموذج السكني قابل للامتداد والتوسع مع توفير البنية التحتية ووسائل النقل. وان هذا الامتداد يشمل 5 مراحل الأولي منها وحدة سكنية مكونة من غرفتين والثانية 3 غرف والثالثة 4 غرف والرابعة وحدة سكنية ملحق بها وحدة أخري لتربية الطيور والحيوانات أو زيادة طابق علوي علي الوحدة القائمة. الدكتور سامح صقر رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري.. أوضح أن هناك منطقتين بالمنيا الأولي غرب المنيا والثانية غرب غرب المنيا. وأن المخطط المبدئي للمرحلة الأولي من المليون ونصف المليون فدان استصلاح 420 ألف فدان. وقد تمت زيادة تلك المساحة نتيجة إعادة تقييم الموارد الطبيعية بالمنطقة. قال إن المياه الجوفية توجد داخل مساحة 868 ألف فدان بالمنطقة ويختلف معدل السحب الآمن من البئر من موقع إلي آخر نتيجة عدم التجانس في خصائص التشققات ومدي اتصالها بمصادر التغذية. لذلك يتم تحديد معدل السحب الآمن من البئر بعد الانتهاء من الحفر. مشيراً إلي أن البداية كانت حفر 100 بئر استكشافية تغطي كل المساحات المقررة لتحديد التوزيع الجغرافي وسوف يتم الاعتماد علي الطاقة الشمسية لتشغيل الآبار في المناطق التي يوجد فيها سطح المياه الجوفية علي أعماق أقل من 70 متراً. أضاف: تعمل 4 حفارات عملاقة بقدرة 1500 حصان و19 حفاراً بقدرة 450 حصاناً تابعة لشركة هيئة البترول.. حيث تعمل هنا شركتان الرئيسية سينو ثروة والثانية سادكو ويشرف عليهما طاقم متكامل من مهندسي وجيولوجي المياه الجوفية المنتدبين من جميع قطاعات المياه الجوفية في مصر. مشيرا إلي أن المستهدف تنفيذ 500 بئر بتكلفة تصل إلي مليار و125 مليون جنيه لزراعة 272 ألف فدان كمرحلة أولي. وبدأ تنفيذ 100 بئر انتهي منها بالفعل قرابة 50% لزراعة 80 ألف فدان. إلي جانب زراعة 25 ألف فدان بمنطقة غرب المنيا التي يتولي تنفيذها الإنتاج الحربي. مؤكداً أن البئر الواحدة تغطي احتياجات 238 فداناً منها المنطقة المخصصة للمباني. فرق عمل المهندس كمال البلتاجي مدير عام المياه الجوفية لشمال الوادي.. أوضح أنه تم تشكيل فرق عمل دائمة لمتابعة تنفيذ ودق آبار المياه الجوفية التي أجريت دراساتها من معهد بحوث المياه الجوفية منذ أكثر من عام وتم دق آبار استكشافية أكدت تلك الدراسات. أي أن العمل لم يبدأ إلا بعد أن أكدت الدراسات وجود المخزون المائي الكافي رداً علي المشككين الذين يدعون أن رصيد المياه سوف ينضب. فهذا كلام لا أساس له من الصحة. مؤكداً أن منطقة غرب المنيا التي تبلغ مساحتها 80 ألف فدان جار دق 100 بئر جوفية فيها وتم بالفعل دق عدد كبير منها. قال إن فريق العمل المتابع لتلك المنطقة يضم المهندسين يحيي حسانين. وعبدالرحمن محمد. وحمادة كارم. والجيولوجي شعبان عبدالحليم. ومعهم عدد من المساعدين هم: المهندسون عصام حمدان. ومحمد المالح. وجمال عدلي. وعماد يوسف. وأحمد ماهر. وصباح عبدالرحمن. وأحمد عبدالسلام. أشار إلي أن البئر الواحدة تروي 150 فداناً تقريباً بنظام الري الحديث بمعدل سحب يصل إلي 1200 متر مكعب يومياً من البئر الواحدة. موضحاً أن آبار المياه العذبة التي تم تنفيذها تختلف عن الآبار الجوفية لأنها تصل في الحفر إلي خزان الحجر الرملي النوبي. متابعة يومية المهندس عماد الدين يوسف مدير أعمال العملية.. قال إن المنطقة الثانية هي منطقة غرب غرب المنيا وتبلغ مساحتها 220 فداناً وسيتم دق 500 بئر. وأن فريق الإشراف لهذه المنطقة يضم المهندسين: جمال طه. وأحمد محمد. وعبداللطيف أحمد. وأحمد كرم. والجيولوجيون: ولاء عبدالعظيم. ومحمد جمعة. وأحمد عبدالوهاب. وأحمد الكومي. والمهندسون: عماد فضل. وعماد يوسف.. حيث يتولي الفريق المتابعة اليومية للعمل في هذه المنطقة. قال إن المرحلة الأولي للآبار تكفي لزراعة 20 ألف فدان.. مشيرا إلي أن المدة الزمنية للتنفيذ سيتم اختصارها من 18 شهراً إلي عشرة أشهر وسيتم تقسيم المنطقة علي هيئة قري زراعية متكاملة وتوزع الأراضي علي صغار الفلاحين وشباب الخريجين.