التفاوت فى مستوى السن والتفكير واختلاف الطباع والبيئة بين زوج طاعن فى السن وزوجة فى عمر الزهور يقف عقبة كؤود أمام تحقيق تفاهم فضلاً عن عدم الانصهار بين زوجين يتقاسمان السراء والضراء بسبب عدم وجود تكافؤ اجتماعى أو مالى أو عقلى أو حياتى بينهما، ومع هذه الحالة البائسة تتبدل المودة والرحمة إلى شجار أو تباعد أو تنافر فى أقدس علاقة وتصبح الحياة مظهرية روتينية تخلو من العاطفة والحب وتفتقد أهم خصائصها فى التضامن والتكامل بينهما، مما يجعلنا أمام أسرة مفككة يعيش طرفيها فى جزر منعزلة بالرغم أنهما يعيشان تحت سقف واحد، الأمر الذى تكون فيه الزوجة الشابة فى عالمها الخاص بها المنفصل عن عالم زوجها الذى بلغ من الكبر عتياً مما يقوض صرح الأسرة ويحولها إلى شبح أسرة فقدت عناصر حيويتها يحول دون السكن الزوجى الذى أشاد به الشرع بقوله تعالى: "هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها" ولا تكون الزوجة فيه على ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير متاع الدنيا بعد تقوى الله زوجة صالحة إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته.. كيف لا وهو زواج صفقة يقوم عليه سماسرة وفريق من تجار فى زيجات البنات الصغار مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها فهذا هدفهم على خلاف مراد الشارع. فتجد من بين تداعيات الزواج المبكر أنه يجعل أسرة الطرفين يلجئون إلى أساليب تنطوى على تحايل لعقد هذا الزواج بسبب أنهم يريدون إبرام الزواج وهم على يقين أن الفتاة دون السن القانونية المحددة ب مع كهل لا يريد الانتظار أو مع فتى لم يبلغ هذه السن فى المناطق القبلية أو الصعيد أو النجوع والكفور.. إلخ وبالتالى فإنهم يحررون إيصالات كشروط جزائية تضمن حقوق الفتاة فى حالة نشوب النزاعات أو وقوع الانفصال بين الزوجين، وهذا يختلف فى وسائله تبعاً لاختلاف المكان والأشخاص. فإذا ما حدثت الفرقة بين الزوجين أو مات الزوج أو غادر البلاد ولم يعرف له مكان فإن الموقف يتعقد بين الأسرتين، وتمتلىء ساحات المحاكم بالعديد من القضايا مثل إثبات نسب الأطفال أو بقاء الزوجة معلقة فلا هى زوجة كاملة ولا هى مطلقة أو فى عدم الحصول على حقها فى الميراث إلى جانب منعها من حقوقها الأخرى كالحقوق المالية من نفقة عدة أو أجر حضانة أو مسكن أو نفقة متعة، أو مصاريف مدرسية لازمة للدراسة والتعليم بالنسبة للطفل أو مصاريف علاج أو غير ذلك من الأمور التى تسبب انتكاسة لهذه الأسرة بسبب الزواج المبكر، وينتقل مسرح المشاكل من الاتفاق إلى التقاضى فى ساحات العدالة وقد لا يوثق الزواج، وحتى مع توثيقه فإنه مما يزيد من تفاقم تلك المشكلات بطء التقاضى واللدد فى الخصومة، واختفاء الزوج، وكذا مشاكل تعوق التنفيذ عند صدور حكم قضائى، وتهرب الزوج من التزامات مفروضة عليه.