منذ فترة ليست بعيدة جمعتني جلسة مع صديق للعائلة وأكثر من قريب... عمل في الشئون المالية اكثر من نصف قرن معظمها في البورصة... حتي حينما تم قفل البورصة عاد الي عمله بوزارة المالية... لفت نظره كتاباتي الكثيرة عن الثلاثة تريليونات الديون.. قال لي الخبير المالي الكبير أن الخزانة فعلا مدينة بالثلاثة تريليونات فعلا... ولكن مدينة لمن؟؟؟.... مدينة لمصر.. الخزانة المصرية مدينة لمصر... كيف؟؟.... المشروعات التي تحتاج لتمويل ما تقترض الوزارات المختلفة لها من البنوك المصرية وتتأخر في السداد فتتراكم الفوائد وفوائد الفوائد وهكذا... هناك شركات ومصانع تقوم باعمال أو تقيم انشاءات أو تؤدي خدمات... كل هذا له مقابل... ميزانية الوزارة أو الهيئة الحكومية ليس لديها سيولة... فتؤجل الدفع وتتراكم الديون ثم الفوائد ثم فوائد الفوائد... وهكذا. هذه معظم الثلاثة تريليونات... أما الدين الخارجي سواء من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي فلا تزيد في تقديري الآن علي 30 الي 35 مليار دولار.... انتهي كلام الخبير المالي. * * * وتمر الأيام... واقرأ يوم الخميس الماضي أن الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي اصدرت كتيبا بعنوان "الاسئلة الشائعة بشأن القروض" تؤكد فيه أن الديون الخارجية لا تزيد الآن علي 48 مليار دولار بعد أن كانت حتي نهاية 2010 لاتزيد علي 7.33 مليار دولار. إذن كلام الخبير المالي صحيح وسليم وصادق. إذا كان الدين الخارجي 48 مليار دولار فهو مبلغ ممكن جدا تسديده فورا اذا كانت عندنا حكومة متطورة حديثة تفكيرها عصري ولاتعرف شيئا اسمه الروتين... عندنا عشرات المشروعات والأفكار الكفيلة بسداد هذا المبلغ في ساعة أو أقل من ساعة... ولا اريد أن اعيد ما سبق أن كتبته عشرات المرات.. قصر البارون "عشرة أضعاف الدين"!!! احتراف اندية الحكومة الكروية كما طلب "الفيفا" عشرات المرات... تحويل الصحف القومية لشركات مساهمة وغير ذلك كثير. بلاش كل هذا... منذ اكثر من ربع قرن اثناء عروض الرقص علي الجليد في مجمع الصالات.. ابدت شركة وولت ديزني مكانا لبعض عروضها خلاف هذا النصاب الذي جاء منذ فترة كان من الممكن بيع قطعة أرض ضخمة في صحراء طريق الاسكندرية أو السويس مثلا بمبلغ يزيد علي القرض الخارجي.... مثلا... مثلا... * * * وإذا سددت مصر القرض الخارجي دفعة واحدة سيرتفع الجنيه المصري الي سابق عهده بالتدريج.. لن نصل الي الجنيه الذهب مثل زمان ولكن لا أقل أن نكون أقوي من الدولار مثل زمان حينما كان الجنيه ثمنه حوالي ثمانية دولارات.. سنتحول بالتدريج الي نمر اقتصادي تسعي الدول الينا لا نسافر اليها. * * * قولوا لي : لماذا لا نفكر في هذا الاتجاه بدلا من المشاجرة حول 7% و5% علاوة سنوية.. والمعاشات وهي كارثة أخري. قولوا لي : لماذا لا يكون تفكير الدولة في هذا الاتجاه؟!... الحكومة "ضاربة لخمة" وتنتظر من يوم لآخر الرحيل أو التعديل أو عدم الموافقة علي الميزانية أو أو أو... بلاها حكومة... اين مجلس النواب... كل شيء ممكن... ولكن في ظل ما نحن فيه مش ممكن ابدا!!!!