الأزمة الحقيقية التي نعاني منها ولا نجد لها حلا... هي أزمة ضمير.. وعندما تموت الضمائر.. يفلت زمام السيطرة علي النفس.. ويصبح كل شيء مباحا.. تستحل الحرام.. ويصبح النصب والخداع لديها.. شطارة وسرقة أموال الدولة فهلوة ونصاحة.. والرشوة والاستيلاء علي حق الغير بيزنس وتفتيح مخ.. وعندما يذبح الانسان ضميره.. ويلقي به من الطابق العاشر.. يصبح الفساد أسلوب حياة لدينا.. فلا نستفيد من دروس الماضي.. ولا نستوعب معطيات الحاضر ولا ندرك احتياجات المستقبل.. علي سبيل المثال تحايل البعض علي الدولة بفعل الفساد والضمائر الخربة .. فكون البعض شركات نظافة وهمية باسماء أجنبية.. الشركة الاسبانية.. والايطالية.. برءوس أموال وهمية واستولوا علي ملايين الدولة وظلت أكوام القمامة تملأ الشوارع والميادين.. وصرخ الناس دون جدوي فقد كان الشرط الجزائي لفسخ العقود حائلا لفسخ العقود لأنها تصل إلي مئات الملايين.. فمن المسئول الذي وقع هذه العقود.. ولماذا لم يحاسب في ميدان عام ليعرف أي مسئول يفسد في موقعه أن هناك حسابا وعقابا.. وانه مهما حصل علي عمولات وملايين الجنيهات سوف يخسر السقط والجلد وانه سوف يرد الجنيه مائة.. لو كان هناك عقاب رادع.. ما رأينا فسادا ولا خرابا مثلما نري ونسمع كل يوم.. فمن وزارة الزراعة إلي الصحة.. إلي المحليات.. إلي صوامع القمح والتوريد الوهمي واستيلاء بعض المسئولين عن الشون علي ملايين الدعم.. حتي دفاتر التوفير والمعاشات.. هناك من يتلاعب في صرفها ويستحل مال الغير بالغش والخداع. *** ظهرت مافيا شركات النظافة في بداية تسعينيات القرن الماضي وفاحت رائحة الفساد حتي أزكمت الأنوف.. وحاولت المحافظات إصلاح ما فات.. ولم يجدد البعض عقود تلك الشركات الوهمية.. وظل بعضها يمارس فهلوته وسرقة أموال الشعب دون تقديم خدمة تحت سمع وبصر الدولة.. ولو قام كل حي بإنشاء هذه الشركات وتولي تشغيل نفس شباب الحي بأجور مجزية لحل مشكلة النظافة والبطالة معا.. ويمكن ان يصل راتب الشاب شهريا 4 آلاف جنيه أو ثلاثة آلاف جنيه شهريا.. ومن أموال المواطنين وليس الدولة.. وبحسبة بسيطة تدفع كل شقة علي ايصال الكهرباء ثلاثة جنيهات أو 5 جنيهات والمحل يدفع بين 15 و25 جنيها فأي حي يضم مليون شقة يكون دخله الشهري من أموال النظافة حوالي 5 ملايين جنيه شهريا.. تكفي لتشغيل آلاف الشباب وبرواتب مجزية وعندما ينظف الشباب حيهم سيكونون أحرص عليه من أي شخص آخر.. وتكون الاحياء قد ضربت عصفورين بحجر.. القضاء علي القمامة والبطالة. لكن الفساد يعمي البصر والبصيرة معا.. وملايين الجنيهات تبيح المحظورات.. فيصبح الحرام لديهم حلالا.. وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض.. قالوا إنما نحن مصلحون. *** أما الغريب والعجيب ان يستمر ذلك بعد فشل التجربة في كل المحافظات.. وبعد ثورتين كبيرتين للقضاء علي الفساد.. فهل يصدق أحد أن شركة حديثة لا يتجاوز رأس مالها مائة الف جنيه وبلا أي خبرة تتعاقد مع حي كبير لتتولي عملية النظافة مقابل 16 مليون جنيه في العام.. تحت سمع وبصر رئيس الحي ووزير كان حاضرا حفل توقيع العقد بين الحي والشركة .. ألف باء أي مناقصة أو عملية اختيار اي شركة لتنفيذ مهمة أو عمل أن يكون لديها خبرة سابقة.. ويكون رأسمالها أكبر بكثير من قيمة العقد.. فمن يحاسب المتواطئين والفاسدين الذين لا يستوعبون دروس الماضي.. ويستمرون رغم كل الكوارث ووقائع الفساد.. فهل يمكن أن تستقيم الأمور ويمضي قطار المستقبل نحو الأفضل في ظل وجود من يعيث في الدولة فسادا؟!