حادث الاعتداء علي المواطن المصري في الكويت وتجريده من ملابسه وضربه ليس الأول ولن يكون الأخير. ولا يجب المزايدة عليه أو النظر إليه علي أنه استهداف للمصريين واعتداء علي كرامتهم. فالوجود المصري في دول الخليج العربية من خلال مئات الآلاف من العاملين هو الطاغي والأكثر تفاعلاً مع النسيج الاجتماعي لهذه الدول والأقل إثارة للمشاكل والمتاعب. ولكن هذا لا يعني ألا تكون هناك تجاوزات وحوادث بين الحين والآخر تتمثل في الاعتداء علي العاملين المصريين أو الخروج عن النص في جرائم فردية شاذة. فليس كل من يعمل في الخليج من المصريين من الملائكة وليس كل مواطن خليجي ملاكاً أيضا..! وعندما نتحدث عن الشكل العام للتواجد المصري في الخليج فإننا نؤكد أن الأغلبية العظمي هناك يجدون المعاملة الكريمة التي تتناسب مع جهودهم وقيمتهم والحاجة إلي وجودهم الذي يحقق أيضا التوازن السكاني والأمان الاجتماعي والنفسي لدول الخليج في مواجهة جنسيات أخري وافدة تختلف كثيراً في العادات والتقاليد والدين واللغة. والعمالة المصرية في الكويت بشكل خاص كان لها تاريخها المشرف في الوقوف إلي جانب الأشقاء الكويتيين في محنة الغزو وكانوا السند للكويت في مواجهة جاليات أخري انتهزت فرصة غزو الكويت وعبرت عن أحقادها وكرهها للشعب الكويتي وكانت في انتظار استمرار الاحتلال العراقي للكويت لكي تنقض عليه. والحادث الذي تعرض له المواطن المصري له أبعاده المختلفة في خلافات يحددها القضاء والتحقيقات. فالمواطن الكويتي الذي ارتكب الجريمة هو من طائفة "البدون" وهو ما يعني أنه "بدون" جنسية. فهو من حيث الشكل والإقامة والنشاط التجاري كويتياً ولكن في الأوراق الرسمية والمعاملات فإنه من "البدون" الذين تصر السلطات الكويتية علي عدم منحهم الجنسية حيث لا أصول كويتية لهم. ولكنها تمنحهم وثيقة للسفر مؤقتة ويعاملون كمواطنين درجة ثانية أو ثالثة أو رابعة أيضا. وهذا "البدون" الذي اعتدي علي المواطن المصري يختزن داخله قدراً هائلاً من الأحقاد علي نفسه وعلي المجتمع كله. وهو ما انعكس في تعامله اللإنساني مع المواطن المصري الذي قد يكون أيضا مخطئاً. إن هذه القضايا تثير حماسنا وانفعالاتنا وتدفعنا النخوة إلي الغضب وتوجيه الاتهامات والوقوع في الخطأ. لقد تم إلقاء القبض علي هذا "البدون" ويتم التحقيق معه حالياً وعلينا المتابعة والانتظار. * * * ونترك الكويت وما حدث فيها ونعود إلي القاهرة والقضية الأبرز في "الضرب علي الهواء مباشرة" حيث اعتدي الإعلامي الرياضي أحمد شوبير علي المعلق الكروي أحمد الطيب في برنامج وائل الإبراشي التليفزيوني. وقد قررت صفاء حجازي رئيسة التليفزيون وفي تحرك سريع منع التعامل مع شوبير مرئياً ومسموعاً وعدم استضافة الطيب علي شاشات التليفزيون. وقرار صفاء الحازم والحاسم يستحق الاشادة فهو يؤكد قيمة ومعني ومكانة الإعلام الرسمي في الابتعاد عن المهاترات وتجار الرياضة وأدعياء الإعلام. ولكن المشكلة هي أننا ننسي بسرعة فرغم كل ما أثارته الأزمة من ردود فعل. فإن شوبير استمر في تقدم برنامجه في فضائية خاصة.. والطيب تحدث في برنامج "تليفزيوني" وسوف يتصالحان ويعودان من جديد لأن مصلحتهما المشتركة أهم من الخلافات.. "دول دخلوا مغارة علي بابا.. واللي دخلها قدامه الذهب والياقوت والألماظ.. والمهم يفتكر يحمد ربنا". * * * وحاولت أن أفهم معني تعبير "تجديد الخطاب الثقافي" فلم أفهم.. وحاولت أن أستوعب أن يكون هناك مؤتمر ل"تجديد الخطاب الثقافي" فلم استوعب..! وجاء الإعلامي محمد الغيطي ليجد التوصيف المناسب عندما وصف المؤتمر الذي افتتحه وزير الثقافة بأنه "بالوظة"..! وهي فعلاً بالوظة و"فتة" أيضا.. وناس بتتاجر بالثقافة.. وناس هايصة في الكلام وسوف تبيعه لنا يوما ما في "قزايز"..! ويعني إيه تجديد الخطاب الثقافي.. وهل يستلزم الأمر مؤتمراً وتوصيات وقرارات..!! من يرد التجديد فليجدد.. ومن يبحث عن الإبداع فليقدمه لنا في أي شكل وصورة. فالمهم أن تصل إلينا الفكرة والأفكار وأن تحدث التأثير المطلوب..! ولكن الحقيقة غير ذلك الحقيقة أن هناك "شلة" للثقافة و"شلة" للصحافة و"شلة" للإعلام و"شلة" للرياضة وكل "الشلل" تبحث عن تدعيم مصالحها ومكاسبها.. وكله من الكلام وبالكلام.. و"بالوظة" فعلا و"بقلاوة"..! * * * ولو الأجهزة الرقابية استمرت في ملاحقة الفساد والإعلان عن القضايا الجديدة مثل التي تتعلق بمستشار وزير الصحة التي تم الكشف عنها "قبل يومين" فسوف تجد أن الفساد قد تغلغل وأصبح دولة داخل الدولة.. وأن السجون لن تكون كافية لاستضافة الأعداد الكبيرة من الفاسدين والسادة المرتشين..! وبدون تسجيلات وملاحقات ومداهمات وأدلة وبراهين فيكفي أن تستدعي هذه الأجهزة كل موظف من الذين يمتلكون الفيلات والشاليهات والاستثمارات وأن توجه له السؤال الخالد "من أين لك هذا؟! ومن أين لك هذا هي البداية.. وهي النهاية لأن الموظف.. أي موظف لو استطاع وتمكن من ادخار مرتبه كله طوال فترة خدمته لما تمكن من شراء شقة فاخرة أو حتي متوسطة..! إن الرشوة أصبحت هي لغة العصر.. ولا يقع في قبضة القانون إلا "الغشيم".. فهي أيضا تحتاج إلي مهارة وشطارة وقلب ميت.. ومفيش أكثر من اللي عندهم كل هذه المؤهلات..! * * * وأخيراً.. أيام قليلة تفصلنا عن الشهر الفضيل المبارك.. وحيث نعيش أجواء روحانية تنقلنا إلي عالم آخر من الزهد والخشوع.. وحيث تصفو النفوس وتسمو فوق دنايا الدنيا وصراعاتها وأحقادها وزيفها. إننا نحلم بالأيام الخوالي الجميلة التي كان فيها شهر رمضان شهراً للعبادة والصوم والتقارب العائلي وزيارة الأقارب والأصدقاء. واللهم بلغنا رمضان.. شهر الرحمة والمغفرة.