من المؤكد أن زيارات الإمام الأكبر إلي دول العالم المختلفة - في غاية الأهمية - خاصة إلي الدول الغربية التي يتم التشويش علي صورة الإسلام الصحيحة بوسائل شتي سواء من قبل أصحاب الأغراض والأهداف أو من قبل سلوكيات الجهلة من أبناء الإسلام. ذلك لأن الأزهر قوة ناعمة لا يستهان بها يستطيع أن يفعل ما لا تفعله السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام أو غير ذلك من الوسائل. فإذا كان الذي يتحرك هو شيخ الأزهر نفسه بقامته العلمية السامقة ومنصبه الكبير ودعوته العالمية لسلام البشرية في مقابل اتهامات للإسلام بالعنف. إذن فإن هذه الزيارات من شأنها أن تصنع زلزالاً في التصورات الغربية المغلوطة عن الإسلام خاصة تلك التصورات المعلبة التي يقدمها أصحاب الغرض وقت الحاجة إليها. أقول إن الزلزال المقصود في الفكر الغربي سيكون من نصيب الباحثين عن الحقيقة من البسطاء وأصحاب الرأي الذين ضللهم من أرادوا ذلك. وعليه فإن مستقبل هذه الزيارات سيكون مهماً لصالح البشرية كلها خاصة في سلامها الاجتماعي لأن الأمم لن تسكت في وجه من زيف لها الحقيقة. إن ثمار هذه الزيارات التصحيحية والتقريبية والباحثة عن التلاقي البشري تحتاج إلي تعظيم تستحقه ولن يتحقق هذا إلا باستثمار أمثل لهذه الزيارات. لذا فإنني أسأل كثيراً من أصدقائي في مؤسسة الأزهر عما أعده الأزهر لاستثمار زيارات الإمام التي بدأت باندونيسيا وامتدت إلي اسبانيا ونيجيريا وفرنسا وألمانيا والفاتيكان.. اسألهم بشغف عما قرروه بعد الزيارة فلا أجد شيئاً فأشعر بالخطر لأنني أدرك أن جهد الرجل الذي يقف علي الثمانين من عمره يضيع هباء وما يلبث هذا الجهد المشكور أن يكون ضوءاً شديداً بدا في الأفق. ولم يستفد منه أصحاب الحاجة في العثور علي أشيائهم أو تلمس طريقهم وهذا إهدار بشع للفرص والثروات والمتاح من الفوائد. إن الدول الناهضة أو المؤسسات التي تريد لنفسها أن تصل إلي غاياتها تدرس كل فعل وأثره وتبني علي إيجابياته وتتجنب سلبياته لكن المؤسسات الواهنة هي تلك الكائنات التي لا تعبأ بما يجري ولا تتحرك علي أساسه وهو أمر للأسف تقع فيه كثير من مؤسسات الدولة فقد يمنح الله مؤسسة ما رجلاً ذا همة ويملك بصيرة ويجتهد غاية جهده لكنه يصاب بطابور بعده لا يشعر بهذا الجهد ولا يقدم له ما يعنيه فيذهب كل شيء أدراج الرياح. إن الأزهر في حاجة إلي تكوين لجان واعية بما يدور حولنا تتابع كل ما يحدث فيما يخص هذه المؤسسة وتقدم من التقارير ما يفيد في مستقبل أيام هذه المؤسسة. فأنا كمتابع أتصور أن الأزهر يحتاج إلي دعوة أصحاب رأي من الغربيين خاصة ممن صادف ما قاله الشيخ صدي لديهم - ليطلعوا علي حقيقة الأزهر وحقيقة الفكر الإسلامي وحقيقة العلاقة المنشودة بين الأديان في حلقات نقاشية تنشر فاعلياتها هناك سواء من خلال أقلام أصحاب الرأي الغربيين أو شراء مساحات في صحف وقنوات تليفزيونية. وعلي الجانب الآخر فإن علي أولئك الذين رافقوا الشيخ في الزيارات أن يكتبوا ملاحظاتهم فيما سمعوه وشاهدوه مما قد يكون له أثره المهم في تطوير العمل التعليمي أو الفكري داخل المؤسسة الدينية. أما أن تتوقف الأمور عند الهالة الضوئية الكبيرة والمهمة التي حدثت أثناء الزيارة ثم تعود الأمور إلي سابق عهدها فهذا هو الخطر.