التفكير الاستراتيجي فن وعلم وهو عنصر أساسي للنجاح في مجتمع الأمن القومي والاستراتيجي العبقري بحق قادر علي استيعاب طبيعة البيئة الاستراتيجية وبخاصة تعقيداتها وتفاعلاتها المتعددة المستويات ويستطيع أن يستنبط الغايات والطرائق والوسائل العقلانية التي يمكن ان تحظي باجماع وتخلق تأثيرات استراتيجية تقود إلي الهدف النهائي المنشود ولا يستطيع كبار المسئولين كلهم ان يمتلكوا ذروة المهارة الاستراتيجية المتسقة والمناسبة وتنفيذها وفي هذا الصدد فإن امتلاك فهم مناسب لعقلية الاستراتيجية يمكن ان يساعد محترفي الأمن القومي سواء كانوا عباقرة أو لم يكونوا لتقويم أدوارهم ومسئولياتهم. ان الاستراتيجية هي في الأساس مشروع إنساني والتاريخ متخم بالأمثلة عن الناس اتخذوا قرارات لا عقلانية بدلا من صناعة قرارات عقلانية مدروسة والجدير بالملاحظة ان القرارات العقلانية الخاطئة تكون مبنية علي معلومات وافتراضات خاطئة والدراسة الجادة يمكن ان تساعدنا علي اكتساب النظرة المعمقة أو التبصر في السلوك الإنساني. ويتعين علي الخبير الاستراتيجي ان يكون واضحا بشأن المستوي الذي يعمل فيه حتي وان ظلم يتسم بالشمولية والكلية في نظرته وعلي المستوي الوطني تعني الاستراتيجية بصيانة المنظومات الداخلية في حالة وازن فيما بينها وفي الوقت ذاته تخلق تأثيرات في البيئة الخارجية بحيث تكون مساندة للدولة طوال الوقت وعندما تركز الاستراتيجية علي مستويات أدني أو قضايا محددة فهي تكون في الواقع حالة من الشمولية الدقيقة. أي تحديد التأثير الاستراتيجي المطلوب ومن أجل أي هدف وكيف يمكن ان يؤثر في البيئة بأكملها. من جانب آخر فإن الاستراتيجية علي أي مستوي ليست وصفة لحل مشكلة بالمعني التقليدي فهي لا تسعي لحل مشكلة محددة بقدر ما تسعي لاستباق المستقبل وتشكيل بيئة تظهر فيها مشكلات أقل والمشكلات التي تظهر في البيئة المنشودة يمكن حلها بشروط أفضل والسبب في الاستراتيجية مشروطة وليست قاطعة وللسياق دائما أهمية كبيرة.
