ربنا يستر. فالكلام هذه المرة عن الرؤساء وهم "يفرمون". وعن الإعلاميين وهم لا يُغفرون. وعن العفاريت التي تظهر هذه الأيام في عز الظهر. وأبداً لا ينصرفون زي زمان.. وأنا أخشاهم منذ طفولتي. والحمار الذي ركبته ليلاً في قريتي فإذا به يعلو ويعلو. يقولون إنه الشيطان. ذلك اللعين الذي كدنا نتخلص منه أيام "سيدنا نوح" وسفينته. التي جمع فيها من كل زوجين اثنين. ولا يركبها سوي من آمنوا. فإذا بالشيطان يتعلق بذيل "الحمار" آخر الراكبين. و"نوح" يستحثه ويقول: "ادخل يا لعين".. فلما اكتشفوا وجوده علي ظهر السفينة قال له نوح: كيف دخلت؟!.. أجابه: ألم تقل ادخل يا لعين. وأنا اللعين!! حكايات ركبتني وكأنها عفاريت الليل. واستهوتني في "ألف ليلة" و"احكي يا شهر زاد". ** أما الرؤساء فحسابهم في السماء. ألم يقل "عمر بن الخطاب" وكان رئيساً بدرجة أمير للمؤمنين: "لو عثرت دابة في العرق. لخفت أن يسألني الله عنها: لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر؟!". ولقد كثرت الدواب المتعثرة. وأصبح المحكومون بالملايين. يصعب إرضاؤهم. والعدل بينهم وسط أطماع الأثرياء وغضب الفقراء وتصريحات الوزراء. * ف"محمد نجيب" أول من سمعنا عنه رئيساً. ولا أقول عرفناه. لم يدُم طويلاً. وابتعد عن العيون. واختفت سيرته. وكأنه "البرادعي" الذي أنكرنا عليه جائزة "نوبل" وشطبناه من كتب المدارس. * "جمال عبدالناصر" ملأ الدنيا وأحبه الناس إلا مَن أضاع مُلكهم. ولم يعد أمامهم سوي "النميمة" في "نادي الجزيرة".. حتي بعد التنحي والهزيمة النكراء. تمسك به الملايين لأنهم يخافون من الغد المجهول. ولا يعرفون غيره. لعله ينقذهم!! لم يعش حاكماً أكثر من 14 سنة. فلم يختبر إن كانت نيته الحكم إلي الأبد. أم ماذا؟!! * "أنور السادات" يحكمنا من قصر عابدين حتي صدر ما عُرف بقانون "الهوانم" الذي تقدمت به ثلاث سيدات من أعضاء مجلس الشعب ليصبح حكم الرئيس إلي الأبد. وليس مُدتين. مثل باقي الرؤساء.. والشكر للنائبات "فايدة كامل" و"زينب السبكي" و"فاطمة عنان". لم يكمل "السادات" فقد كان قدره الاغتيال في يوم الفرح. ذكري النصر. * حتي جاء "حسني مبارك" ليدخل قائمة الرؤساء المزمنين "30 سنة" وهو الذي تمني أن يعين سفيراً بعد خروجه من الجيش.. والقصة مازالت ماثلة عبرة للجميع. بينما يعاني من الشيخوخة في جناحه بمستشفي المعادي. ومازال أبناؤه أمام المحاكم بتهمة الفساد. ويعود "أحمد عز" لصناعة الحديد. و"علاء وجمال" في عزاء والدة مصطفي بكري. وصفوت الشريف مستنداً لذارع ابنه في عزاء "أمين بسيوني". و"فتحي سرور" يعود إلي المحاماة. و"مفيد شهاب" أستاذ القانون يعود بمناسبة "الجزيرتين". * انتهت ولاية مبارك بالثورة التي لم تعد تعجب أحداً.. وانتهت الثورة بحكم الإخوان. سنة من العجاف!! * وجاء "السيسي" بصفحة جديدة ومازلنا نتحسس نحن وهو الطريق.. ونستعيد كلمة الشيخ "الشعراوي" للرئيس الأسبق "مبارك": "إذا كنت قدرنا ليوفقك الله. وإذا كنا قدرك فليعينك الله". ** تتفاوت سنوات حكم الرؤساء. فليس لها في النهاية قانون! الرئيس والسادة المثقفون * كل رئيس له طريقة: "محمد نجيب" لم يختبر.. و"عبدالناصر" حاورهم واعتقلهم.. و"السادات" لم يحب "الأفنديات". حتي أدخلهم السجون.. و"مبارك" لم يهتم بهم. تركهم ل"حظائر" وزرائه. أما "مرسي" فلم يمهله ربه. ولم يهمله.. ومازال "السيسي" يحاول إقامة الكباري مع المثقفين والإعلاميين. لعلهم يرضون!! أفضل تعليق ما قاله "بهاء طاهر": "الرئيس قال اسمعوني. ولم يقل أطيعوني"!! ولعل نقابة الصحفيين التي أعلنت احتجاجها الشديد علي اقتحام حرمتها وسط تأييد وغضب الزملاء. إلا مَن أبي واستكبر. لا يضطرها التجاهل إلي الدعوة لوقفة عند "أبوالهول" والشكوي للفراعتة. مثلما ينوي أصحاب المعاشات الذين اشتكوا من سوء حالهم. واختفاء أموالهم المودعة في خزائن الدولة. وتفريق وقفتهم الاحتجاجية أمام "حزب التجمع". * كل الإعلاميين إلا قليلاً ينافقون كل رئيس. حتي تنتهي ولايته.. والذين دخلوا منهم السجون يُسَبحون بحمد جلاديهم. حتي يفقدوا عروشهم.. والذين لا يختشون منهم يختفون بإطفاء الأنوار عليهم. فلا صوت يعلو علي صوت الطبل البلدي!! يسميها "عماد الدين حسين": قنوات بير السلم!! ** مؤخراً جاء رئيس جمهورية فرنسا.. إلي جانب اللقاءات الرسمية العلنية. حرص علي لقاء مثقفين ومعارضين خارج السلطة.. لا يهم ما حدث وراء الكواليس. وليس ما سمعناه من بيان "جميلة إسماعيل" وتصريحات "خالد علي" وتحليلات "عبدالله السناوي" ومقال "زياد بهاء الدين". وحضور النائب "محمد السادات". وعميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية "هالة السعيد" يكشف كل ما قيل في لقاءات "هولاند" غير الرسمية سواء في السفارة. أو في أحد الفنادق. ذكر عنه "محمد سلماوي" أسماء الحاضرين الخمسة وتجاهل اسم "إحدي فنانات الرقص. التي لم يلتقط اسمها". مع أن المفروض أن تكون تلك المثقفة الفريدة. هي أول من يحفظ اسمها زملاؤها. علي مائدة الطعام مع الرئيس الفرنسي وهم إلي جانب "سلماوي" والروائي "علاء الأسواني" ورئيس مكتبة الإسكندرية "إسماعيل سراج الدين". والمنتجة السينمائية "ماريان خوري" والمخرج الشاب "أحمد مراد".. اختيارات مُنتقاة!! ** يتصادف أن تنشر الروائية والكاتبة العراقية "إنعام كجة جي" في مقال لها بعنوان: "لبنانية شابة في حضرة الرئيس": "ثلاثة صحافيين وقع عليهم الاختيار لمحاورة "فرانسوا هولاند" علي الهواء. بينهم "ليا سلامة".. لم يلفت انتباه وسائل الإعلام الفرنسية سوي "ليا" واسمها الأصلي "هيا". هل أقلقتهم جرأتها مع ضيوفها. أم لأنها عربية. ولو عاشت منذ طفولتها في فرنسا؟!.. كتبت: "لوكا نارو تشينبه" أشهر المجلات الساخرة في فرنسا. أن اختيار "ليا سلامة" واحدة من ثلاثة يحاورون الرئيس جاء لأسباب لا تمت كثيراً لمواهبها الصحفية.. ولقد تم استبدال مسئولة القسم السياسي بالقناة الثانية بها. لأن مدير الأخبار يري أنها جذابة!! أما "ليا" فلا تؤمن بالمثل العربي "اطعم الفم تستح العين" فهي لم تجامل الرئيس أو تعفيه من الأسئلة المحرجة.. وتقول إنها مندفعة ومجازفة لأنها لبنانية. ولأنها من "برج العقرب". تنهي إنعام كجة جي" مقالها بعبارة "سلامة من لدغة "ليا"!! هاتوا البخور. واذبحوا الديوك ** أعود إلي أحاديث جدتي. التي عفا عليها الزمن. ثم عادت سيرتها الأولي وعشنا في أساطير الماضي والخرافات. أخاف القطة السوداء. وأبتعد عن طريق وابور الطحين. وأستمع معها لحديث "العرافة" الغجرية. ونزور شيوخنا. تتنبأ بالمستقبل. و"تعمل العمل". لم تكن عفاريت "النت" قد ظهرت. وكهرباء السد قد وصلت. ونور العلم قد ملأالعقول. حتي العمارة "المسكونة" المشهورة في الإسكندرية. فظلت خاوية سنوات طويلة. اقتحمها شباب وباتوا فيها ليلة. ثم خرجوا في أمان يعلنون أن العفاريت أوهام. اختلفت التفسيرات. فمن قائل إنها ثورة الشباب أعادت الثقة في الناس.. ومن قائل إنهم كانوا بلطجية. وقائل بأنه سرعان ما تعود العفاريت. لفت نظري أن المنجمين والنصابين قد زاد عددهم ونفوذهم. وأن الخرافات قد انتشرت وأفسدت. وشاشات التليفزيون امتلأت بالمشعوذين. وألحت علي المشاهدين. والصحف من السياسة إلي الحوادث. تطل من سطورها العفاريت. علي صفحتين من جريدة كبري عناوين من قبيل: حكاية قرابين الجان من الإسكندرية إلي أسوان ادبح ديك وهات بخور ب50 ألف جنيه دماء الأطفال والماء المقروء عليه سورة سيدنا يوسف باعوا الأرض لشراء الزئبق الأحمر والبخور المغربي. استرها يا رب نقابة الصحفيين ليست وحدها ** لم أستطع أن أشارك في اجتماع نقابة الصحفيين الدائم. ولكن قلبي هناك دائماً. وفي الأزمات خصوصاً. كتبت علي "الفيس بوك" رسائل قصيرة: * أرجو. ويجب. أن يقف جميع الحاضرين مع "نقيبهم" بصرف النظر عن أي اختلافات أو منافسات أو مزايدات. فالموقف يحتاج إلي وحدة الصف. * في أزمة الحريات لا تصلح حكمة: "إنج سعد. فقد هلك سعيد".المصير واحد. إن لم يكن اليوم فالدور عليك غداً. * يلفت النظر جيش الفتوات. رجالاً وستات. يقاتلون خصوماً لا يعرفونهم. وقضية لا يفهمونها. مهنة جديدة تمنع وتعمل بلاوي جديدة. * ويلفت النظر حجم الأكاذيب التي تقال. * تقترب القيود أكثر من أقلام الصحفيين. * اقتحام نقابة الصحفيين غباء.. هل هو غباء مقصود؟!!