منذ سقوط حسني مبارك وإلي الآن ونحن نتساءل ونردد نفس السؤال.. مصر رايحة علي فين؟! والكاتبة الروسية أوبوفيكوفا التي ترأس النادي الدولي لدراسات الشرق الأوسط في موسكو شاركتنا في تناول هذا التساؤل والتعليق عليه حيث قالت "إن مصر في حاجة إلي التطوير وليس الثورة. علي أن يقوم التطوير علي أسس التواصل واحترام النقد والرغبة في التغيير للأحسن". ومضت الكاتبة الروسية تقول "إن المصريين اعتادوا الاعتماد علي قائد عظيم لتحقيق أحلامهم بصورة فورية. هم يتوقعون الكثير. لكن لا يسألون أنفسهم هل قاموا بكل ما يستطيعون من أجل بلدهم وأنفسهم؟!". وأوبوفيكوفا أحسنت التعبير والتوصيف واختصار تحديد الحالة والعلة.. فنحن فعلاً نبحث دائماً عن رئيس نلقي عليه بكل المسئولية ثم نذهب إلي المقاهي في انتظار أن يأتينا بالمعجزات وأن تتحسن الأحوال..! ولأننا اعتدنا دائماً أن نلوم غيرنا ولا نلوم أنفسنا فإننا دخلنا بذلك مرحلة من تبادل الاتهامات والتنصل من المسئولية والهروب منها ايضا. ولم ندرك أو نستوعب أن العيب ليس في الزمان وإنما العيب فينا لأننا اكتفينا بالكلام والتنظير ولم نقم بواجبنا تجاه أنفسنا في العمل والتطوير ومازلنا ننتظر من الدولة أن توفر لنا فرص العمل وأن تكون هي المسئولة عن تحسين أوضاعنا المعيشية وتحقيق الرخاء..! *** وفي هذا يقول الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية النفسية المصرية إن تطلعات وطموحات الشعب ارتفعت كثيراً بعد ثورة يناير مما أدي إلي نوع من الإحباط..! وهو إحباط بالغ الخطورة لأنه الطريق إلي اليأس والعودة إلي البداية من جديد بالحديث عن الثورات والاعتقاد في أن الثورة الجديدة قد تحقق ما عجزت عنه الثورتان السابقتان. بنفس منطق ومنطلق إلقاء مسئولية الإخفاق علي الاخرين وإبعادها عن أنفسنا. وأي ثورة جديدة في مصر مهما كانت مبرراتها وأسبابها لن تكون ثورة بمفهوم التغيير والإصلاح ولكنها ستكون بداية لفوضي دموية مستمرة لسنوات وسنوات. ولن يكون في مقدور أحد إيقافها أو السيطرة عليها والتحكم في مسارها. ولهذا نواصل الدعوة إلي ضرورة الإسراع بالتطوير والتطهير من الداخل حتي لا يأتينا الخراب من الخارج. والدعوة إلي التطوير تعني التجديد والإبداع وظهور قرارات وأفكار تخرج عن المألوف وتساعد وتساند الرئيس في مهمة الإنقاذ والخروج من الأزمة. ولن يتحقق هذا إلا بدعم من الشباب وبالتواصل معهم وبدفعهم إلي تحمل مسئولياتهم والاستفادة من طاقاتهم وأفكارهم الجديدة. وقد تكون لدي الشباب قناعاته ولغته الخاصة وعالمه المختلف في الرؤية والتصورات ولكن الفشل في تحقيق التواصل والاندماج معه سيجعل كل الاحتمالات الأخري قائمة وسيعني أن الدولة ستظل رهينة الظروف والأزمات. *** ونحذر في هذه الأوقات التي نتساءل فيها عن مستقبل مصر ومسارها من العديد من الإشاعات التي تتعلق بالاقتصاد والتي قد تنطلق بنوايا حسنة في مساندة الدولة ولكنها ستخلق حالة من التشوش والفوضي تمنح الفرصة لتجار الأزمات في ملاحقة مدخرات المصريين في الخارج والمتاجرة بها وعليها. إننا في معركة الآن للسيطرة علي ارتفاع الدولار ومنع استمرار هبوط قيمة الجنيه المصري. وهي مرحلة تحتاج إلي إجراءات للثقة في الأوضاع البنكية بعدم صدور للقرارات المفاجئة وفي توفير المناخ الآمن للاستثمار والإدخار. *** ولا أجد تفسيراً لكل هذه الأموال في مصر.. وأتساءل دائماً.. "الناس دي بتجيب الملايين والفلوس الكتيرة منين"! فكلما أعلنت الدولة عن طرح أراض للبيع. ظهر من يتسابق لشرائها.. وكلما ظهرت أوعية إدخارية جديدة تسابق الناس علي ضخ الأموال فيها.. ورقم المليون جنيه لم يعد له أي قيمة في السوق.. ومن يملك المليون لا يمكن اعتباره مليونيراً وأقل وحدة سكنية متوسطة تزيد علي المليون جنيه والناس تدفع وتشتري في التجمع وفي العين السخنة وفي الساحل.. وفي المريخ..! والناس معاها فلوس.. ومن معه لديه الكثير. وآه لو طبق قانون.. من أين لك هذا يا هذا..؟ *** ونعود لمعاركنا وقضايانا والكابتن عزمي مجاهد الذي يقدم برنامجاً في فضائية خاصة والذي يقول إن نقابة الصحفيين تحولت إلي بوق سياسي معادي للدولة وتنظيم خاص هدفه إسقاط الدولة المصرية.. ولا تعليق لدينا.. التعليق لدي النقابة و"النشطاء"..!