لا أكتب دفاعاً عن ضابط الشرطة المتهم بإطلاق النار علي سائق ميكروباص. لأنني لا أعرف الحقيقة كاملة. ولأنني أيضاً واحد من كثيرين يرفضون بطش الشرطة. وتجاوز الضباط. وغرور الأمناء. وجهل العساكر. ومع ذلك فإنني أثق أن الشرطة بمفهومها الحقيقي صمام أمان للمجتمع ودرع حماية للوطن. أكتب الآن متسائلاً: مَن منكم لم يتعرض لبلطجة سائقي الميكروباص. وعدم احترامهم لأي قوانين مرور. وجنون السرعة وتهديد حياة سائقي السيارات الأخري. وتعطيل المرور والتعامل بوقاحة مع الركاب. واستغلالهم أي فرصة لعدم الالتزام بالأجرة. بالإضافة إلي الاستهتار بالأرواح من أجل التسابق علي الدور. قيادة الميكروباص أصبحت ثقافة متكاملة الأركان.. السائق لابد أن يأتي متأخراً بعد اكتمال ركاب الميكروباص. وفي يده سيجارة وكوباية شاي.. ويبدأ تشغيل أغنية "آه لو لعبت يا زهر".. أو "قوليلي يا مرايتي".. أو إحدي أغنيات القهر والذل والفقر. وكأنه يشكو حاله للركاب. وبمجرد انطلاق الميكروباص. يبدأ السائق التلاعب يميناً ويساراً من أجل تجاوز السيارات.. ويده لا يرفعها عن الكلاكس. بسبب وبدون سبب. ويا ويل أي راكب يعترض.. وطبعاً ليس معه فكة.. وأي باقي للركاب يصبح من حقه. ثم يمسك الموبايل ويبدأ حديثاً طويلاً ممسكاً بعجلة القيادة بيد واحدة. رغم أنها تحمل السيجارة. ولا يمكنك الاعتراض. علي الطريق عندما يلتقي اثنان من سائقي الميكروباص. تبدأ حالة الهزار.. وهو من النوعية السمجة. لأن كلاً منهما يريد أن يثبت للآخر أن قلبه ميت. وأكثر حرفنة في السواقة. فيدخلان سباق الموت. ولا يمكنك الاعتراض. إذا نزل أحد الركاب من الميكروباص. يبدأ السائق رحلة البحث عن زبون آخر. وهو مستعد أن يفعل أي شيء من أجل الوصول لهذا الزبون. لذلك فهو يقف وسط الشارع. أو يسرع قبل الميكروباص الآخر. أو يكسر علي جميع السيارات من أجل الفوز بجنيه الراكب المحتمل. ولا يمكنك الاعتراض. إذا اعترض أحد راكبي الميكروباص علي السرعة. نال وابلاً من الشتائم. وإذا اعترض أحد راكبي الميكروباص علي التلكؤ من أجل الراكب المحتمل. نال وابلاً من الشتائم. وإذا اعترض أحد راكبي الميكروباص علي صوت الكاسيت المرتفع. ونوعية الأغاني المزعجة. نال وابلاً من الشتائم.. إذا اعترض أحد راكبي الميكروباص علي أي شيء نال وابلاً من الشتائم. لذلك احترم نفسك ولا تعترض علي أي شيء. طبعاً أي اعتراض يتحول إلي مشاجرة. ويتجمع سائقو الميكروباصات الأخري تضامناً مع زميلهم. لذلك إذا كان معي سلاح وتعرضت لبلطجة سائقي الميكروباص. لن أتردد في استخدامه. وليحدث بعد ذلك ما يحدث.