مازلنا في "دوامة الجزيرتين" ومازالت الآراء منقسمة حول حق الملكية. الآراء المتعارضة مدعمة بوثائق ومستندات في انتظار الرأي النهائي للخبراء المحايدين الذين يثق الكل فيهم. الاختلاف في الرأي لا يجب أن يفسد الود بين أبناء الوطن. ما يفسد الود هو أن يعتبر أصحاب رأي ما انهم يملكون الحقيقة التي لا تقبل النقاش ويتطور التمسك بالرأي إلي حد "التخوين" فمن لا يوافق علي رأيي "خائن" ومفرط في حق الوطن. الاتهام بالخيانة الوطنية يغلق باب النقاش ويفتح باب النفاق ولو علي حساب الموضوعية والحقائق المجردة. "دوامة الجزيرتين" فتحت الباب بعد التخوين للتلويح بالخوف علي مستقبل قناة السويس وتحولها إلي بحيرة راكدة كما صرح البعض وهو حديث يمكن اعتباره محاولة فاشلة لإعادة الحياة لميت من زمن لم يعد لدي أهله أمل في إحيائه. الحديث خاص بقناة اسرائيلية بديلة أو حلم اسرائيل القديم بمنافسة قناة السويس. الحديث يتجدد باسم قناة أشدود بديلاً عن قناة صهيون. الحلم الذي وأدته "حقائق العلم والطبيعة والجغرافيا والتضاريس والاقتصاد والسياسة. بل والتاريخ والمنطق أيضاً" كما أوضح منذ أربعين عاما عبقري شخصية مصر الفذ جمال حمدان. "البديل الاسرائيلي لقناة السويس" انتهي وخرج من حسابات المنطق لأسباب كثيرة ليس من بينها كما حاول البعض التخويف ملكية مدخل خليج العقبة. انتهي لأن البحر الميت "ميت" ولا يصلح بديلاً ولأن المسافة بين خليج العقبة والبحر المتوسط أكبر منها بين ذلك البحر وخليج السويس ولأن اختلاف مستويات الأرض والتضاريس في منطقة "البديل" تقف عقبة كبيرة أمام التنفيذ ولأسباب أخري كثيرة ولكن محاولات اسرائيل لا تتوقف ولو علي سبيل الدعاية للتأثير علي معنوياتنا تجاه أهمية قناتنا. ومادمنا مع الراحل الكبير جمال حمدان وحديثه عن القناة لا يفوتنا الإشارة إلي دعوته لأن تملك مصر اسطولا بحريا من السفن العادية والناقلات خاصة الناقلات المتوسطة والصغيرة لتستعمله هي بنفسها وعلي قناتها في نقل البترول والبضائع بين الشرق والغرب وهو ما يسميه "استثمار مزدوج لمكانة القناة ومستقبلها" ويستكمل مستنكراً في كتابه "قناة السويس نبض مصر" غير معقول ألا يكون لمصر صاحبة القناة اسطول ناقلات ونقل تدعم به قناتها وتوظفه في خدمتها. بينما ان لكثير من الدول البحرية وغير البحرية المتقدمة المتخلفة بل حتي للأفراد أساطيل كبري تعيش علي القناة وبالقناة وإذا كانت حتي دول البترول العربية بما فيها الصغيرة منها قد بدأت تتجه إلي هذا الاستثمار الذكي فإن مصر لا يجوز أن تظل مجرد ممر بل وجب الآن مر 40 عاما علي هذه "الآن" أن تتحول إلي دولة ناقلات كما هي دولة القناة. لقطة : لو أخذ الساسة عندنا أقوال العلماء المخلصين المتجردين من الأهواء الشخصية مأخذ الجد بدلاً من تقييمها من منظور سياسي بحسابات المعارضة والموالاة لاستفدنا مما يطرحونه من أفكار في توظيف مواردنا المحدودة أفضل توظيف لصالح الوطن والمواطن.