منذ مائة عام وفي مثل هذا الوقت كانت مؤامرة سايكس بيكو في مراحلها النهائية لتقسيم المشرق العربي.. أو بشكل ادق منطقة شرق البحر المتوسط العربية.. بين كل من بريطانياوفرنسا برعاية روسيا القيصرية. دارت المؤامرة في سرية تامة في الوقت الذي كان فيه السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر يواصل خداع الشريف حسين ويشجعه علي إعلان الثورة العربية ضد الدولة العثمانية والوقوف بجانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولي.. واعدا اياه باقامة دولة عربية موحدة ونقل الخلافة إلي العرب بدلا من العثمانيين بعد هزيمتهم في الحرب.. بينما كان البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو والروسي سيرجي سازانوف يتفاوضون في سرية تامة ويتبادلون وثائق التفاهم فيما بينهم لتقسيم تركة رجل اوروبا المريض "الامبراطورية العثمانية".. وتم توقيع الاتفاقية في 16 مايو 1916 وظلت سرية إلي أن سقطت القيصرية في روسيا واستولي الشيوعيون علي الحكم 1917 وكشفوا عن المؤامرة.. التي لم تطبق كما هي.. فقد حدثت بعض التعديلات عليها وتم اعتمادها في الاتفاقية التي اعلن عنها في مؤتمر سان ريمو بايطاليا في ابريل 1920 بين بريطانيا ممثلة في رئيس وزرائها جورج لويد وفرنسا ممثلة في رئيس وزرائها الكسندر ميلران.. بحضور فرانسيسكو سافريونيتي رئيس وزارة ايطاليا وممثلي بعض الدول كمراقبين فقط.. كما شارك في المؤتمر وفد يهودي برئاسة حاييم وايزمان الذي قدم مذكرة لادراج وعد بلفور ضمن بنود الاتفاقية واعترضت فرنسا علي ذلك في البداية ثم تراجعت ووافقت نتيجة الضغوط البريطانية. قسمت اتفاقية سان ريمو منطقة الهلال الخصيب ووزعتها بين بريطانياوفرنسا.. حيث تم تقسيم سوريا الكبري إلي سورياولبنان وشرق الاردنوفلسطين.. علي أن تكون سورياولبنان من نصيب فرنسا.. وتخضع العراق وشرق الاردنوفلسطين للانتداب البريطاني مع وضع تنفيذ وعد بلفور في الحسبان. وقد مهدت اتفاقية سايكس بيكو الاولي عام 1916 لقيام دولة اسرائيل.. فبعدها بعام واحد اصدر وزير الخارجية البريطاني ارثر بلفور في 2 نوفمبر 1917 وعده لليهود باقامة وطن قومي لهم في فلسطين.. ولم تخرج بريطانيا من فلسطين إلا بعد أن مكنت اليهود من فلسطين تنفيذاً لوعدهم المشئوم.. واعلن قيام دولة اسرائيل عشية إنهاء الاحتلال البريطاني انتدابه علي اسرائيل في 14 مايو 1948. اما سايكس بيكو الثانية والتي نشهدها حاليا فهدفها تأمين إسرائيل وحمايتها.. فما حدث خلال ربع قرن منذ احتلال صدام حسين للكويت في 2 أغسطس 1990 وحتي الان.. جعل الغرب يضغط بوتيرة متسارعة لحماية إسرائيل.. وكان لابد من تفتيت الكيانات التي تهدد امن الدولة اليهودية وتم البدء بالعراق التي لم تقسم رسميا ولكنها قسمت فعليا إلي ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية.. وحاليا ما يدور في سوريا ومحاولات تقسيمها ايضا إلي دويلات علوية وكردية وسنية.. ووجود داعش في مساحات واسعة من العراقوسوريا ايضا تساهم في تغيير خريطة سايكس بيكو الاولي.. بالاضافة إلي اطماع اسرائيل في لبنان.. كل ذلك سيؤدي إلي إعادة تقسيم المقسم وتجزئة لمجزأ من قبل. ولم يتبق من الكيانات القوية التي تهدد أمن إسرائيل إلا مصر.. لذلك تسعي القوي الداعمة لاسرائيل إلي انهاك مصر ومحاصرتها اقتصادياً وسياسياً.. ولكن مصر تستعصي عليهم وما زالت ثابتة.. ولا استبعد أن يكون لإسرائيل دور كبير فيما يحدث في سيناء.. ولولا بسالة جيشنا وشرطتنا لما صمدت سيناء لعدوان الجماعات المتطرفة المنسوبة لداعش التي يتأكد يوما بعد يوم انها صناعة غربية إسرائيلية.. والا فما معني انه بالرغم من وجود داعش شرق وشمال إسرائيل في سورياوالعراق.. وفي غربها في سيناء.. ولا نجدها تضررت من ذلك ولم تقم الدنيا وتقعدها هلعا وخوفا من داعش.. ولم نجد داعش تقوم باي عملية في اسرائيل رغم انها علي مرمي حجر منها سواء في سيناء أو في العراقوسوريا. هذا التنظيم الذي يدعي انه إسلامي.. لم يشرد ولم يقتل سوي مسلمين.. ولم يدمر ولم يخرب غير بلاد المسلمين.. وهو صناعة مخابراتية صهيوامريكية.. كتنظيم القاعدة الذي زرعته الولاياتالمتحدةالامريكية من قبل في افغانستان لمقاومة الغزو السوفييتي.. وبعد أن انسحب السوفييت من افغانستان.. تخلصت الولاياتالمتحدة من تنظيم القاعدة وقياداته.. وتأتي زراعة داعش في هذه المنطقة تحديداً لاستكمال خطة الفوضي الخلاقة أو ما يسمي الربيع العربي لتنفيذ خريطة الشرق الأوسط الجديد التي رسموها لنا ونجحوا في تنفيذ جزء كبير منها ولم تتبق سوي مصر التي ستظل عقبة في طريق مخططهم وغصة في حلوقهم وستتحطم علي صخرتها امالهم وطموحاتهم كما تحطمت عليها جيوش الطغاة والبغاة من مغول وتتار وصليبيين وغيرهم.