في المقال السابق.. كان دق ناقوس الخطر والصياح بأن مصر مائياً أمة في خطر حتي لو افترضنا عدم وجود سد النهضة.. فما بالنا وسد النهضة يوشك أن يكون أمراً واقعاً يزيد ويعظم من خطر التهديد بمجاعة مائية قد تؤدي لا قدر الله إلي تعطيش مصر.. ومن ثم تجويعها.. ولهذا تنعقد مسئولية مجلس النواب الذي من قدره ومن واجبه الحتمي أن تكون قضية الأمن المائي المصري هي أهم وأخطر القضايا التي يتصدي لها المجلس.. تلك القضية التي تمثل الصوت العالي الصارخ الذي يهيب بنواب الشعب.. ألا يعلو منهم صوت فوق ذلك الصوت.. ومن عجب ان مجلس النواب بهيئته الكبيرة وتشكيلته المتنوعة التي حاولت قدر المستطاع أن تمثل مختلف أطياف الشعب.. لا يوجد فيه خبير واحد في شئون المياه.. أي في شئون شريان الحياة.. فليس من بين الأعضاء المنتخبين مباشرة أو في القوائم.. ولا حتي من بين الأعضاء المعينين أحد من المختصين والمعنيين أو المهمومين بقضية الأمن المائي المصري.. وفي الوقت الذي نجد فيه من بين المعينين بقرار جمهوري إنفاذاً لحكم الدستور خبرة في السباحة المائية لا نجد معها خبيراً في شئون الماء الذي تسبح فيه؟!!.. وقد يقول قائل ان في المجلس خبيراً في الشئون الافريقية وذلك مردود عليه بأن الخبرة في الشئون الافريقية لا تعني بالضرورة الخبرة في شئون نهر النيل.. فالشئون الافريقية أمر عام.. ونهر النيل وأمن مصر المائي شأن خاص بمصر وحدها.. وهو لمصر أهم همومها وهو شغلها الشاغل. أقول نتوقع أن ينحي مجلس النواب كل ما لديه من قضايا وبصفة مؤقتة جانباً ليخصص جلسة أو أكثر من جلساته العامة لتدارس قضية الأمن المائي المصري من جميع جوانبها.. وأن يصدر من القرارات والتوصيات ولو استدعي الأمر من القوانين والتشريعات.. ما يصون ويحفظ لمصر حصتها التاريخية في مياه النيل.. هذه الحصة التي لم تعد تلبي احتياجاتها بعد أن أصبحت مصر تعاني عجزاً مائياً قد يصل إلي ثلاثين مليار متر مكعب سنوياً.. وبرغم ذلك فهي مهددة بنقصان مواردها المائية بسبب إنشاءات سد النهضة.. ولتكن أعمال مجلس النواب وقراراته وتوصياته وتشريعاته ظهيراً قوياً للمفاوض المصري وسنداً عفياً للقائد المنقذ الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي وعد شعبه بألا يضار أبداً لسبب ما وانه لن يعرض شعبه أبداً للضياع. ان مجلس النواب إذ يتناول قضية الأمن المائي بالبحث والدراسة والتشاور وتبادل الآراء المجدية.. سوف يزيل كثيراً من حالة القلق والشغل الشاغل التي تنتاب وتسيطر علي الشارع المصري خوفاً علي شريان حياته ومناط الحفاظ علي كل مقدراته.. وانه بذلك سيثبت بالأعمال لا بالأقوال انه يحمل هموم أمته ويشارك الشعب وقائده كل ما يثقل كاهله ويزيل أزمته وكربته.. ان مجلس النواب حينما يتخلي مؤقتاً عن التصارع علي تشكيل اللجان وابتكار الجديد منها والاهتمام بهيئات مكاتبها.. لينصرف إلي تناول أخطر مشاكل الأمة وأقسي تحدياتها ألا وهو الأمن المائي وشريان حياتها إنما يثبت وبحق انه برلمان التحديات الكبري والقضايا العظمي وانه جدير بمصر ثورة 30 يونيو كما انه جدير بما نرجوه له من أن يكون برلمان الأمل وبرلمان العمل. كما نرجو من مجلس النواب ولجنته الجديدة "لجنة الشئون الإفريقية" مع اللجنة الأم "لجنة العلاقات الخارجية" أن يدعو إلي عقد المنتدي البرلماني لدول حوض النيل.. ليكون علي رأس جدول الأعمال مناقشة قضية سد النهضة والعمل علي أن يكون إنشاء سد النهضة بمواصفات معقولة غير مبالغ فيها تحقق لإثيوبيا الشقيقة ما تطلبه من الكهرباء بشرط ألا يسبب إحداث الضرر بحصة مصر المائية من نهر النيل.. وباعتبر هذه القضية هي لمصر قضية حياة أو موت.. كما نتمني علي مجلس النواب ومن خلال لجانه المعنية أن يحقق التواصل مع برلمانات الدول الافريقية قاطبة في سبيل تحقيق رأي عام لديها يساند ويؤيد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وفي سبيل تطويع دول المنابع وهي دول افريقية للانحياز إلي هذا الحق المكتسب الذي تحميه جميع القواعد والمعاهدات والأعراف الدولية. "والحديث موصول بإذن الله"