لقد خلق الله تعالي العرش قبل خلق السموات والأرض والعرش في اللغة: هو السرير. وقيل: هو ما علا فأظل. وقيل: العرش الملك قال جل شأنه في سورة هود: "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه علي الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً...". فقدت أورد الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمرو بن العاص. قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم. يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه علي الماء. فالعرش يعتبر من العوالم السابق خلقها علي جميع العوالم الشهودية من بعد خلق الماء. فقد أورد الإمام البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين. قال: إني عند النبي صلي الله عليه وسلم إذا جاءه قوم من بني تميم. فقال: اقبلوا البشري يا بني تميم. قالوا: بشرتنا فأعطنا مرتين فتغير وجهه صلي الله عليه وسلم. فدخل ناس من أهل اليمن. فقال: اقبلوا البشري يا أهل اليمن. إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا: قبلنا. جئناك لنتفقه في الدين. ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان. قال: كان الله ولم يكن شئ قبله. وكان عرشه علي الماء. ثم خلق السموات والأرض. وكتب في الذكر كل شئ. ومعني: "وكان عرشه علي الماء" أي: بالكينونة الحادثة بعد العدم بدليل مارواه ابن حبان في صحيحه عن لقيط بن صبرة العقيلي قال: قلت: يا رسول الله هل نري ربنا يوم القيامة؟ قال: هل ترون ليلة البدر القمر أو الشمس بغير سحاب؟ قالو: نعم. قال: فالله أعظم.. قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: وفي عماء. ما فوقه هواء وما تحته هواء. يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين: ومعني قوله صلي الله عليه وسلم: "كان في عماء" أي: لم يظهر له أثر اسم ولا أثر صفة. فلما خلق المخلوقات أظهر آثار أسمائه وصفاته في مبدعاته الأمرية. ومخلوقاته الكونية فظهر أثر اسم: القدير. والخالق. والبارئ. والمصور. والبديع والحكيم في المخلوقات علي مختلف أنواعها. كل منها ظهر فيه من آثار الأسماء الإلهية حسب استعداده الذي أعده الله تعالي له. وهكذا ظهرت آثار الأسماء والصفات وبذلك عرفوه سبحانه. فخلق المخلوقات. وأفاض نور الوجود علي الممكنات ليعلم بصفاته وكمالاته جل شأنه.