كشفت التقارير الأخيرة الصادرة من مؤسسات حكومية عن بداية قوية للنهوض بشركات قطاع الأعمال بعد غياب استمر نحو ربع قرن تم فيها رفع شعار أهلا بالخصخصة ووداعا للقطاع العام الذي توقفت عنده الاستثمارات وتم النظر له علي أنه قطاع خاسر وإدارة مهلهلة رغم أن 90% من قيادات القطاع الخاص تم استقدامهم من القطاع العام. لم يفطن البعض إلي أهمية وجود القطاع العام والدور الذي يقوم به حتي الآن واخذوا يروجون أسباب الفشل وتناسوا أن وجود شركات مثل المجمعات الاستهلاكية ساهمت في تقديم السلع الغذائية لمحدودي الدخل بأسعار مخفضة حتي اليوم ولولاها لكان هناك أسعار مختلفة مقدمة من القطاع الخاص بقصد تحقيق أكبر ربح مهما كانت الغاية علي حساب البسطاء. وظهرت بوادر هذه العودة من خلال عدة ظواهر ايجابية تؤكد أن القطاع العام بدأ يعود من خلال توقيع عقد تأهيل كيما مع المقاول الايطالي في أسوان وبدء دراسات تطوير قطاع الغزل والنسيج مع وارنر الأمريكية وقيام شركة الحديد والصلب بمفاوضات لتأهيل الأفران والبنية الأساسية للمصنع مع 6 شركات وكذلك تنفيذ أعمال تأهيل فرن 3 في القومية للأسمنت والدخول علي فرن 4 وهكذا. كما يقوم الآن أشرف سالمان وزير الاستثمار بمتابعة أداء الشركات من خلال تقارير شهرية للتدخل في الوقت المناسب قبل الوصول إلي مرحلة الخطر أو اللاعودة وهذا يؤكد أن هناك روحاً جديدة بدأت تسود القطاع العام فضلا عن فكر إدارة جديد يرتكز علي الإدارة بالأهداف والحصول علي أعلي عائد من خلال أساليب جديدة مثل الدخول بالمشاركة مع القطاع الخاص والاستعانة بإدارة أجنبية كما يحدث مع فنادق القطاع العام التاريخية. يحدث هذا ولكن مازال قانون العمل كما هو دون تغيير يضيع معه حق صاحب العمل في الحصول علي أداء وانتاجيه تتوافق مع ما يحدث في العالم وعلي سبيل المثال يحرم صاحب العمل من حقه في خفض عدد العمال عند حدوث ركود عالمي وتزيد خسائر الشركات ويتحمل أعباءها وحده دون أن يجرأ علي تسريح عامل أو خفض الأجر لمواجهة الظروف الجديدة. مازال العمال في المصانع يتجرأون علي الإدارة ويوقفون الانتاج لأيام طويلة دون محاسبة ويطلبون زيادات في الأجور وصلت 40% بعد الثورة لم يقابلها أي انتاجية وكأن الثورة جاءت لتهدم وليس للبناء.. أن العامل له كل الحق أن يحصل علي فرصة عمل كريمة ومرتب عادل لكن يجب أن يقابله انتاجية مرتفعة وأرباح اكثر ليتم تبادل المنفعة بين طرفي المعادلة دون أن تجور واحدة علي الأخري. وبقي أن تقوم الأجهزة الرقابية المختصة مثل الرقابة الصناعية والتوحيد القياسي وجهاز حماية المستهلك وجمعيات حماية المستهلك بدورهم علي أكمل وجه لحماية المستهلك من السلع الرديئة لكي يتحقق الانضباط في السوق وتتحول مصر لدولة عصرية في المجال الانتاجي والخدمي.