لن أمل من الكتابة عما صرنا نتعايش مع خطئه وقبحه المفرط. دوماً كنت أشير فيما أكتبه إلي كارثة ما فعلناه بشاطيء الإسكندرية تحديداً من سنوات الخراب الانفتاحي الذي جاء بكل ما أضر باقتصادنا وفقرائنا ومواردنا ومنظومة قيمنا ولم نجعل منه خيراً أو نرشده ونوجهه لصالح تلك النقاط الأربع أبداً. خلق طبقته وأعطاها مكاسبه ودمر ما تبقي. تذكرت انني لدي زيارة الإسكندرية من شهور وجدت حجر أساس عندما كان يوماً شاطيء سيدي بشر في الجهة المقابلة لم أكن موجوداً وتمت إزالته وأقصد "طابية سيدي بشر" التي محاها من الوجود المحافظ الجوسقي لبناء عمارات مكانها. حجر الأساس الموضوع وضع تحت رعاية الرئيس السيسي ووزير الموارد المائية والري ومحافظ الإسكندرية السابق هاني المسيري وتقرأ الآتي عليه "لحماية ساحل الإسكندرية من بئر مسعود وحتي المحروسة مرحلة أولي" بإشراف الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطيء ثم تري ثلاثة أهرامات قزمة من الأسمنت علي وجه أحدها رأس أبي الهول المشوهة بالحبس. أين كانت الهيئة المشار إليها منذ سلبت المحافظة البحر شواطئه كلها من مواطني الإسكندرية بل من كل مواطني مصر من المصطافين تدريجياً منذ سبعينيات القرن العشرين وحتي الآن؟.. أين كانت تلك الهيئة أثناء بناء أندية كل الفئات المهنية بامتداد كورنيش الإسكندرية: نادي المعلمين. نادي الأطباء. نادي التطبيقيين. نادي المهندسين. نادي القضاة. نادي التجاريين. نوادي المؤسسة العسكرية؟ في المسافة من بئر مسعود وحتي المحروسة يوجد شاطيء أبو هيف والسرايا كافيه "بمسجده المبني علي رمال الشاطيء" وشاطيء السرايا ولكن لا تنخدع بكلمة "شاطيء" رجاء فمفهوم الهيئة والمحافظة معاً عن تلك الكلمة لا نظير له في أي بلد ساحلي بالعالم سواء من البلاد العربية أو الأوروبية وهو لا يتجاوز نزع بعض الأسوار الحديدية لبعض المقاهي الشاطئية وقد استلفتت الجريمة نظر زوارنا العرب حيث أتذكر جيداً ملحوظة لشاعر ومترجم جزائري أقام في مصر من سنوات قال لي: "ليس عندكم شواطيء.. مساحة الرمال شريط رفيع بينما في الجزائر هناك شواطيء للناس" كل شواطيء المدينة باستثناء شريط محدود جداً لشاطيء شعبي بمنطقة رأس التين تم تحويلها من عهود إلي أراض تجلب الأموال للمحافظة حيث تري لافتة مكتوباً عليها: الإدارة المركزية للسياحة والمصايف محافظة الإسكندرية وبجوارها بخط عملاق العبارة الشاذة التالية سعر التذكرة 7 جنيهات" ثم شرح بين قوسين أن الجنيهات السبعة تلك للآتي: شمسية. كرسي. ترابيزة. استخدام خدمات. مع توضيح مقوس "لا يسمح بدخول أدوات شخصية" ما هذا العدوان العنيف علينا كل هذه السنوات؟ لماذا ليس من حق المواطن حمل شمسيته ومقاعده كما فعلنا في طفولتنا إلي الشاطيء؟.. لأن المحافظة تؤجر له البحر بالإكراه وتمنع بالنوادي الخاصة رؤية البحر عنه وهو يتمشي. لأنها لم تفكر في طريقة أخري بتوفير المال إلا بجبايته غصباً من حقنا في الجمال والاستمتاع حتي بالهواء الذي أتوقع أن يقولوا قريباً: ممنوع التنفس قبل دفع مبلغ كذا!.. لا أستطيع أن أحلم بإزالة الأندية المتخصصة ورغم كون أبي وأخي من أعضاء تلك الأندية بحكم المهنة إلا أن إزالتها بكل ما دفع فيها طبعاً سيمثل خسائر مالية لكن كما قال لي أخي: "ستكون قد كسبت شعباً"!.