حاولت الزميلة "الأهرام" أن توفيه حقه فلم تستطع!! نشرت عنه ثلاث صفحات كاملة بلا إعلانات.. كل صفحة ثمانية أعمدة ولم تستطع أن تلم بكل عبقرياته وفتوحاته وانتصاراته العملية والعلمية. لا أنسي قط حينما اخترقت "الأهرام" عميقة الجذور في الصحافة المصرية.. اخترقت كل الأصول والثوابت الإعلامية حينما نشرت يوماً علي صفحة كاملة وهي الصفحة الأخيرة ثاني أهم صفحة في الجريدة نشرت شكراً لنبيل علي نظير الدفعة العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية التي اعطاها لصحيفة "الأهرام".. لأول مرة وآخر مرة تشكر جريدة شخصاً ما علي صفحة كاملة وهي ثاني صفحة في الأهمية والقراءة.. حكاية لم تحدث قط ولن تحدث. ہہہ كان هذا العبقري المصري أقرب شخص لي.. وكنت أنا أقرب شخص له.. كنا نلتقي يومياً في ساعة غريبة!! قبل منتصف الليل بساعة أو أقل!! آخر لقاء بيننا حينما مرضت وجاء لزيارتي في موعدنا "العادي"!! وسط تعجب الجميع وكان يقول لهم: إذا لم أحضر في هذا الموعد لا أكون نبيل علي!!.. كان يمتاز بخفة الدم. علاقتنا بدأت في الستينيات.. في عز شبابنا.. ينتهي من عمله الذي كان يعشقه وتبدأ الجريدة في الطبع.. نخرج ننطلق في أجمل أوقات اليوم.. الليل الهادئ الصامت.. الليل الذي يساعدك علي التركيز ولا يشتت عقلك مع أذنك وعينك.. والعلاقة عائلية بجوار الفكر.. نتعانق عائلياً ونتعانق فكرياً ايضا.. كان نبيل الوحيد الذي حضر في المنزل عند عقد قراني قبل فرح المساء في الفندق.. وكنت أنا أحد بل أهم سبب في حياته العائلية فابنتي نبيلة السلمي زوجته هي شقيقة الفنان نبيل السلمي الذي كان يعمل معي في الرياضة كخير رسام كاريكاتير في هذا الفرع من الصحافة وهي الرياضة وكان يراه المرحوم عبدالسميع عبدالله أحد رواد فن الكاريكاتير.. كان يراه خليفته في هذا الفن الجميل ولكن مع الأسف.. مات نبيل السلمي في عز شبابه الصغير خلال رحلة بالخارج!! ہہہ إنها عائلة عباقرة.. بصرف النظر عن التفوق العلمي لأبناء المرحوم نبيل - امسك الخشب - شقيق نبيل اسمه عبدالرؤوف علي أحد أشهر محامي مصر.. كان عبدالرؤوف ترتيبه في التخرج ال 11 وتعيينه وكيلاً للنيابة ولفت نظر رؤسائه فتم تعيينه في نيابة "أمن الدولة العليا" ثم تم انتدابه في المخابرات العامة أيام صلاح نصر.. واختلف مع صلاح نصر شخصياً لأنه رفض أن يجري أي تحقيق مع متهم تم تعذيبه.. ثم طلب أن يكون التحقيق في مبني النيابة لا مبني المخابرات فتم فصله!!.. وفتح مكتباً للمحاماة وأصبح محامي المعارضين لعبدالناصر.. ونال شهرة لم ينلها أحد من أقرانه في ذلك الوقت.. كان عبدالرؤوف معنا في دفعة 1950 وكان الأول كمال أبوالمجد.. وكانت دفعتنا لا تزيد علي خمسين طالباً.. كان معنا ثروت أباظة وسميح أنور عميد الدبلوماسيين ومعظم الدفعة سفراء أهمهم عبدالحليم بدوي مندوب مصر في هيئة الأممالمتحدة ابن بدوي باشا منشيء ورئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي. ہہہ سئل المرحوم نبيل علي عن سر هذه الصداقة الوثيقة بين "ملك" الرياضيات وآخر لا يحفظ جدول الضرب.. وكان رده هي علاقة "إعجاب" متبادل.. صديقي الذي هو أنا مبهور بكل ما أحكيه له.. وأنا مبهور بصحفي يعمل في صحف عبدالناصر الثلاثة وعائلته تهاجم عبدالناصر بكل وسائل الإعلام.. رحم الله أعز صديق وأكبر حبيب.