اختلفت ردود الأفعال حول قانون الخدمة المدنية.. ومازال الجدل قائماً. والنقاش ساخناً. والخلاف بارزاً.. حتي بعد أن حسم مجلس النواب أمره. ورفضه 67% من الأعضاء.. وهو الوحيد من بين 340 قراراً بقانون. وافق عليها البرلمان خلال جلساته الماضية. انحاز النواب لأهل الدوائر.. واختاروا إرضاء الناخب.. واستجابوا لصيحات المعترضين من الموظفين والعاملين بالقطاعين الحكومي والخاص.. فهم يرون أنه يضر بمصالحهم.. ويعددون سلبياته في أنه يرسخ المركزية. ويمس نظام الحوافز والعلاوات.. ويخل بمبدأ المساواة في الترقيات والتعيينات.. ويطلق يد المدير في تطبيق الجزاءات دون تحقيق!! اختارت الحكومة صالح الوطن.. وأعدت القانون ليحقق التوازن والإنصاف. ويحفظ في نفس الوقت حقوق الموظفين.. إلا أنها أخفقت في تقديمه بالصورة الواقعية والمثلي.. وعجزت عن إقناع النواب بأهميته وفوائده. وخلوه من أي آثار أو أضرار جانبية.. إذ يكفي أنه يعالج الإهمال والتسيب.. ويواجه الفساد وبكل حسم وصرامة.. ويربط الحافز بالإنتاج.. ويطبق مبدأ الثواب والعقاب.. ويقضي علي الواسطة والمحسوبية!! لم يمتنع "الوسطاء".. بل أفتوا بأن الوقت لم يكن مناسباً لتطبيقه.. وأن رفضه أخمد الفتنة.. وضيع فرصة الحشد.. وسد الأبواب أمام الخلايا النائمة التي كانت تنتظر الفرصة لبث السموم.. وشق الصف.. وتأليب الموظفين ضد "الحكومة"!! المشاعر الآن متباينة.. الموظفون في فرحة عارمة.. لاسيما في قطاعي المالية والضرائب.. بينما الحكومة مندهشة.. وتنتظر من البرلمان موافاتها بأسباب الرفض. الذي أوقف مسيرة إصلاح المنظومة الإدارية.. وغلّ يد التحديث والتطوير.. وفي المقابل انتعشت وجوه الوسطاء. حيث استغلوها فرصة.. لتوسيع نطاق الجدل.. وإطلاق الشعارات والمزايدات التي تعمق الهوَّة بين الطرفين!! الغريب.. أن من يطلع علي "الخلاف".. يكتشف مدي سهولة المعالجة.. ويُسر التلاقي والتوافق.. ويتأكد أن الحوار حول القانون لم يسر في المجري السليم.. فلا النواب أخذوا وقتهم في الدراسة والمراجعة والتحليل.. واستنباط المضمون والهدف.. ولا الحكومة تمكنت من إزالة مخاوف النواب من آثار القانون علي مصالح الأغلبية من الموظفين!! إن النقد البنَّاء.. والمعارضة الهادفة.. لن تصدع العلاقة بين الحكومة والبرلمان.. وإنما تحقق التقارب والتلاحم من أجل صالح الوطن.. ومن ثَم وجب علي الحكومة الإسراع بتنقية القانون من أوجه الاعتراض المنطقية.. وإعادة عرضه مرة أخري علي النواب الذين لزم عليهم إجراء نقاش الحكمة والتوازن والتوافق.. حتي يقر الجميع قانوناً. يصلح وينهض بالمنظومة الإدارية داخل أجهزة الدولة.. ويحفظ حقوق البسطاء.. ويجهض أغراض الوسطاء.. والأهم.. يجسد العدالة الاجتماعية في أجلي صورها.