بعد أيام قليلة يكتمل الاستحقاق الثالث والأخير لخارطة الطريق التي توافق عليها الشعب المصري في 30 يونيه ويصبح لدينا مجلس نواب منتخب بإرادة شعبية حرة دون تدخل من أي جهة وإن لم يخل من بعض الشوائب والمخالفات التي تتعلق بأصحاب المال السياسي وهو الأخطر في تاريخ مصر.. ولاشك أن ممارسات البرلمانات السابقة مازالت عالقة في الأذهان وبالتالي أصبح لزاماً علي أعضاء البرلمان الجديد محو هذه الصورة السيئة والابتعاد عن الطبل والزمر وإثبات أنهم جاءوا بالفعل من أجل صالح الوطن والمواطن ولاشيء غيره سواء كان امتياز أو حصانة فالشعب لن يسمح لهم بذلك مرة أخري لأنه ينتظر منهم تحقيق طموحاته بسن التشريعات والقوانين التي تدفع عجلة التنمية والاستثمار وتوفر له حياة كريمة وآمنة بدون المشاكل المزمنة التي استفحلت حتي أصبح لدينا من المناطق العشوائية 372 منطقة طبقاً لآخر دراسة لمركز المصريين للدراسات الاقتصادية منهم 26 منطقة مهددة للحياة و260 منطقة سكن غير ملائم و66 منطقة مهددة للصحة و20 منطقة تفتقد الحيازة وقضايا أخري تراكمت بفعل الإهمال حتي أمست أمراً من الصعب معالجته مثل مكافحة الفساد المتمثل في الرشوة والمحسوبية وكذلك انهيار التعليم والصحة والبنية التحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي والتفاوت الرهيب في مستويات الدخل وعدم تكافؤ الفرص وتباعد المسافة بين طبقات المجتمع.. وللمرة الأولي يتحمل أعضاء المجلس الجديد المسئولية كاملة مع الحكومة لكونه منوط بمنح الثقة للحكومة بناء علي برنامجها التي ستقدمه للبرلمان وبالتالي له حق الرقابة الفعلية ويتحمل تبعات تقاعسه ومطالب بأداء سياسي متوازن يجمع بين الرقابة علي الحكومة والتشريع السليم وتقديم الخدمات بأسلوب يستند إلي الموضوعية وسلوك فوق مستوي الشبهات بعيداً عن المبالغة والاستعراض.. يأتي أيضاً البرلمان الجديد في فترة من أصعب الفترات علي تاريخ مصر المعاصر وفي ظروف بالغة الدقة علي المستوي الدولي والإقليمي حيث إن المنطقة تغوص في دوامات من العنف والفوضي والصراعات والإرهاب إضافة إلي التحديات الداخلية الضخمة التي نراها وندرك حجمها وللتغلب علي هذه الظروف نحتاج إلي تضافر جميع الجهود وإخلاص النية ومعالجة المشاكل بشكل علمي وأفكار جديدة وجريئة والعمل علي إصلاح الخلل الشديد الذي أصاب المجتمع المصري في السنوات الأخيرة وهذا لن يتحقق إلا بعودة الوئام والحب بين أفراد الشعب والالتفاف حول القيادة السياسية ونبذ الحقد والكراهية وتغليب المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة.. وفي اعتقادي أن حبر مصر ليس حكراً علي أحد رغم اختلاف الرؤي ومصر هي الحضارة والتاريخ والثقافة والمساجد والكنائس والأهل والأصدقاء والشوارع والشواطئ والأفلام والأعياد والحب ليس بالشعارات الجوفاء الصماء ولكن بتحمل المسئولية والعمل باجتهاد كل في مجاله ومعالجة الأخطاء ومحاولة إصلاحها بدلاً من إلقاء اللوم علي الآخرين.