بمجرد طرح الوجبات مخفضة الأسعار بالمجمعات والمنافذ كانت مافيا السوق السوداء مستعدة للانقضاض.. في ساعات قليلة اختفت الوجبات وبدأ مستحقوها في الشكوي. ما حدث يؤكد أن التجربة جيدة فهي توفر وجبة متوازنة في متناول محدودي الدخل وتحتوي علي سلع ممتازة ومنوعة لذا فهي مغرية لأصحاب المحلات والمطاعم فأطلقوا ورائها الدلالات وساعد علي ذلك سماح مسئولي المنافذ بالحصول علي أكثر من وجبة للفرد الواحد.. ومن السابق لأوانه أن نتهم ممسئولو الفروع الآن.. فالأمر يحتاج لمتابعة. وما يحدث في منافذ التموين يتكرر كل يوم بحذافيره في المنافذ المتحركة التابعة للزراعة والقوات المسلحة فالسلع تباع بلا كميات محددة لكل أسرة مما شجع كثيراً من ضعاف النفوس الحصول علي عبوات كاملة تصل أحيانا لعشر كيلوات وخاصة في اللحوم ومصنعاتها كالكبدة واللحم المفروم. وللأسف ومن ملاحظات الكثير من المواطنين تسربت تلك اللحوم لمحلات الجزارة لتختلط مع اللحوم البلدية وتباع بتسعين جنيها للكيلو!! كل ما أخشاه ان تسقط تجربة تخفيض الأسعار في نفس مصير بطاقات التموين المدعمة والتي أعلن وزير التموين مؤخرا أن ما يزيد علي 20 مليون مواطن يحصلون علي سلعها وهم لا يستحقونها وأكد ذلك الجهاز المركزي للمحاسبات باعلانه ان 67% من البطاقات يملكها مصريون ذوو دخل مرتفع وبعضهم يعيش في مستوي اقتصادي يقترب من الثراء والنتيجة حرمان ما يقرب من 30% من المصريين تحت خط الفقر من بطاقة التموين المدعمة وتأخر ضم المواليد الجدد للفقراء وعجز معظمهم عن استبدال البطاقة الورقية حتي الآن بما يترتب علي ذلك من حرمانهم من الخبز المدعم وفروق النقاط سلعا عن ناهيك عن المليارات التي تذهب لغير المستحقين. البعض يتحدث عن ضرورة تفعيل أجهزة الرقابة التابعة لوزارة التموين ومؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك وأتصور ان ذلك لن يكون مجديا.. فحال مفتشي التموين لا يخفي علي أحد فضلا عن قلة عددهم وكثير من الأجهزة الرقابية الأخري لا يملك الضبطية القضائية ثم ان طبيعة المواطن المصري ستتغلب في النهاية فضعاف النفوس قادرون علي اختراق أي منظومة رقابة وهو ما أفرغ أكثر من 20 جهازا رقابيا من مضمونها فتحولت لمجرد هياكل وظيفية تبتلع الملايين بينما أسواقنا غارقة في الفوضي!! لذا فقد يكون من المفيد ان نفكر في العودة لنظام البطاقات الفئوية الذي كان مطبقا في السبعينيات والذي كان يخدم الملايين من محدودي الدخل وليس معدومي الدخل من موظفي الدولة والحرفيين وهو يختلف تماما عن بطاقة الدعم الذكية في أن المواطن يحصل علي احتياجاته فقط من السلع التي تخصصها الدولة فلا تذهب لغير مستحقيها من السماسرة والدلالات والتجار وأصحاب المطاعم.