الخبراء أجمعوا علي أن تعديل سلوك المواطن يلعب دوراً كبيراً في القضاء علي العشوائيات في الشوارع والقانونيون أكدوا علي ضرورة تفعيل القوانين التي تعاقب علي الاهمال وإهدار المال العام بكل حزم ودون تمييز بين أفراد المجتمع للحد من المليارات المهدرة نتيجة السلوك الفردي غير المسئول علي أن تكون العقوبة رادعة تمنع تكراره أما خبراء علم النفس والاجتماع والموارد البشرية فقد اتفقوا علي ان التعويل علي مخاطبة الضمير لا يناسب المرحلة الحالية فهي مسألة روحانية وحان الوقت لتقوم وزارتا الثقافة والتربية والتعليم بدورهما في تربية الأجيال القادمة علي القيم والأخلاق التي افتقدها الجيل السابق. يشير دكتور محمود الضابط خبير التنمية البشرية إلي أن مصر غنية بمواردها المادية والبشرية ولكنها تعاني من سوء إدارة تلك الموارد من القائمين عليها وما نسميه غياب الضمير وهذه مسألة روحانية لها عديد من المسببات مثل افتقاد الشفافية والحوار والقدوة. ويضيف الضابط: للأسف غابت القدوة في المنزل والعمل فكانت النتيجة جيلاً يبحث عن الحقوق دون ان يؤدي ما عليه من واجبات كذلك جيلاً استباح المال العام فأخذ يخرب في ممتلكات الدولة طالما لا يوجد مسئول يراعي عمله ويحاسبه علي إهماله وسلوكه التخريبي لذا يجب ان يكون تقويم الضمير بالمجتمع أمر استراتيجي طويل المدي تقوم عليه الجهات المعنية الآن لتؤتي ثماره في الأجيال القادمة. يشاركه الرأي دكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بالأكاديمية الطبية قائلا: ان سوء سلوك الافراد نتيجة طبيعية لإهمال وتدهور الجانب الثقافي بالمجتمع منذ ما يقرب من أربعين عاما فقد تحول منصب وزير الثقافة بعد الكاتب الكبير يوسف السباعي إلي وظيفة مكتبية رغم أن هذا القطاع يعتمد علي القدرة علي العطاء أكثر من المؤهل العلمي فانحدرت معه جميع المجالات الأخري بالدولة. ويضيف فرويز أن الدولة تبني مدارس بدون مدرسين مؤهلين والطبيب يعمل يمستشفي حكومي ليكون له صلاحية تحويل المرضي من عيادته لها والعكس فأصبح "الثوب مهلل لا يصلح للحياكة" وعلينا الاهتمام بالاجيال القادمة وإصلاح منظومة التربية والتعليم لغرس قيم صحيحة تكون مجتمعاً سوياً مؤكدا انه لابد من أن يتبني المجلس الأعلي للصحافة والاعلام حملات توعية مستمرة في الوسائل المختلفة لتصحيح سلوك مواطني هذا الجيل وبث روح تقديس المال العام والمحافظة عليه باعتبارها قضية أمن وطني. ويشير دكتور عبدالرؤوف الضبع استاذ الاجتماع إن الموعظة الحسنة لن تجدي في مجتمع تأصلت فيه العشوائية بجميع تصرفاته ولابد من تطبيق منظومة القانون ضد كل ما من شأنه إهدار المال العام بشكل صارم مع التصدي للثغرات ودون تمييز لإجبار المواطنين علي الالتزام. ويشير إلي أنه في الدول الاوروبية مثل إيطاليا لا يجرؤ قائد مركبة وزير كان أم غفير علي لمس خطوط المشاة البيضاء فإن أخطأ وخدش مواطن بجرح بسيط لا يستطيع دفع الغرامة ولو باع نفسه ويتم الحكم بالواقعة فيما لا يتجاوز اسبوعين ومن هنا يظهر احترام القانون. ويضيف الضبع أن ماكس فيبر العالم الالماني ارجع نمو الدول الرأسمالية إلي قيمتين غرسها اصحاب مذهب البروتستانت في ابنائهم منذ الصغر أولها "كلما أجدت العمل كلما كنت قريبا من ربك" و"أنت عبد صالح بمقدار ما اقتصدت في الإنفاق" وعندما نطبق هذه القيم دون ازدواجية سنفرز جيلاً يحترم العمل ويقدر قيمة الوقت ويحرص علي الانتاج ويصبح أكثر حفاظاً علي ما صنعت يداه. وتضيف الدكتورة نادية ذكير استاذ علم النفس سلوكيات الكبار يمكن تعديلها عن طريق رسائل ايجابية من خلال الميديا والتي اصبحت لغة العصر في كيفية التعامل بالاضافة لسن قوانين رادعةپلضبط سلوكياتهم فقد فات وقت التعديل بطرق أخري. وتشير إلي أن المشكلة الاكبر في الاطفال الذي يتعلمون منا السلوك السييء ويجب علي الميديا تعليمهم الايجابيات والبعد عن افلام الكرتون العنيفة أو تلك التي ترسل للطفل رسائل سلبية والعودة إلي التربية الجيدة من خلال الاسرة والمدرسة وتدريس تعاليم الدين بشكل جيد سواء كان الدين الاسلامي أو المسيحي للوصول للطفل الذي نحتاجه لبناء مجتمع افضل يناسب الفترة القادمة. وتشير الدكتورة امنة نصير عميد كلية الدراسات الاسلامية إلي أنه لا يوجد قانون رادع لانتهاك المواطن حرمة الطريق سواء في الانتظار في غير الاماكن المخصصة أو سرقة التيار وحتي إلقاء القمامة وهذا يفسر اختلاف سلوك نفس المواطن عند تواجده في أي دولة أخري اذا نحن نحتاج إلي قوانين حازمة وجازمة وعادله كي نستطيع العودة إلي الاخلاقيات السليمة والراقية في التعامل والتي ترتفع بالدولة وبنائها وإذا تم تفعيل تلك القوانين ستحل 80% من مشاكلنا في كل الاتجاهات. وتتمني من البرلمان القادم أن يشرع ذلك القانون الذي يحافظ علي الاخلاقيات وان يعاقب كل من يسيء في السلوكيات والاخلاق بعقوبة رادعة ولكنها عادلة في التطبيق علي جميع اطياف المجتمع وليس علي الضعيف فقط. تخالفها الرأي دكتورة سعاد الشرقاوي فقيه القانون الدستوري قائلة: لدينا قوانين كثيرة حيث نظم قانون العقوبات كل شيء فالسب والقذف مجرم والانتظار المخالف كذلك القاء القمامة في الشارع مجرم إلا أن تلك القوانين معطلة ولا يتم التعامل بها وعلي العكس يتم اعتبارها اشياء تافهة لا ترقي الي وصولها الي النيابة للتحقيق فيها حتي تسببت في انهيار المجتمع وسلوكياته. مضيفة ان هناك اشياء أخري في السلوكيات لا تجرم ولكنها تعتمد علي التربية في المنزل مثل احترام الكبير والوقوف ليجلس في المواصلات العامة والكثير من تلك السلوكيات التي اندثرت بسبب ما وصلنا إليه من انهيار اخلاقي فيجب الاهتمام بالتربية إلي جانب تفعيل تلك القوانين المعطلة معا لحل ازمة الشعب في سلوكياته الخاطئة.