رغم أن منطقة المعادي تصنف من الأحياء الراقية إلا أن الإهمال والعشوائية نالا من شوارعها ليغتالا الهدوء الذي كان أفضل ما يميزها. انتشر الباعة الجائلين وتراكمت القمامة واحتلت مواقف سيارات الميكروباص والتوك توك ميادينه لتسبب جلطة مرورية بالإضافة إلي المشاجرات بين السائقين وقاموس الألفاظ البذيئة الذي اجبر بعض السكان علي هجرها للمدن الجديدة التي لم تتلوث بالعشوائية بعد. سعيد نافع يقيم بالمنطقة منذ عام 1959 فهو من مواليد المعادي يقول كانت المنطقة تتميز بالهدوء والأشجار الكثيفة علي جانبي الشوارع تحمي المارة من حرارة الجو وكان يمر خلالها قطار حلوان قادماً من باب اللوق الذي تحول فيما بعد للخط الأول لمترو الأنفاق وتقع محطة المعادي بشارع 9 والذي كان من أرقي الشوارع لذا سعي العديد من كبار الأطباء لفتح عيادات خاصة بهم فيه. ويضيف نافع آسفاً طرأت تغيرات عديدة بفعل الزمن علي المنطقة بصفة عامة وعلي الشارع الحيوي بصفة خاصة مع بداية التسعينات حيث ظهر الباعة الجائلون واحتلوا الشارع الذي يعج برواد المترو وتفاقم الوضع في السنوات الأخيرة حتي أصبح لا مكان للمارة ولا السيارات. يشاركه الرأي محمد فهمي قائلاً: تلاشي معني الرقي عندما احتلت سيارات الميكروباص ميادين المعادي وشوارعها فعلي الرغم من ان شارع 7 المجاور لمحطة المترو يتسع لمرور سيارتين متجاورتين إلا أنه تحول لموقف عشوائي للميكروباص تتعالي فيه مشاجرات السائقين والصراع الدائم علي اجتذاب الركاب ورغم وجود موقف مخصص لتلك السيارات بجوار المحطة إلا أنهم لا يلتزمون به. ويضيف ربيع بشير الوصول لمدخل محطة المترو سيراً علي الأقدام أصبح مستحيلاً في ظل تكدس سيارات الميكروباص بخلاف الملاكي التي يستغلها أصحابها كأجرة وتستقر أمام مدخل المحطة مباشرة. مؤكداً أنه منذ ثورة يناير تحول الأمر إلي الأسوأ في جميع الأحياء وليست المعادي فقط ورغم تفاعل المسئولين إلا أن الحال يعود كما كان بعد مغادرتهم لذا فالمتابعة اليومية ضرورة مع أهمية فرض عقوبات صارمة علي المخالفين لإجبارهم علي الإلتزام بالموقف المخصص لهم. مع ضرورة منع الكائن المريب المسمي بالتوك توك من المرور بالشوارع الرئيسية حيث يقوده صبية صغار ليس لهم رقيب يسيرون عكس الطريق مما يسبب العديد من الحوادث خاصة لمن يعبر الشارع الذي من المفترض أنه إتجاه واحد ليفاجأ بهذا الكائن يصدمه بالإضافة إلي حالات السرقة. أحمد فؤاد مدير عام بالأزهر سابقاً يشير إلي أنه يجب أن نحاسب أنفسنا كما نحاسب المسئولين فنحن جميعاً شركاء فيما سارت إليه الأمور وكما أشار رئيس الجمهورية مراراً في خطاباته أن الدولة لن تتقدم إلا بالجميع. ويتابع قائلاً أن العشوائية والارتجالية التي أطاحت بالهدوء والرقي الذي كان يميز الحي لن يعودا إلا بتوفيق الأوضاع بين المسئولين والمخالفين من الباعة وسائقي الميكروباص حيث يتم تحديد أماكن مخصصة لهم والضرب بيد من حديد علي من يخرج علي النظام العام. هناء عزت عاملة نظافة تستغيث من القمامة التي يخلفها الباعة قائلة أصبح العمل ورديتان بشارع 9 لرفع المخلفات من هذا الشارع الحيوي غير كافي فالقمامة وبقايا الخضر والفاكهة تعود بعد دقائق من كنس الشارع. ومن ميدان العرب تقول سارة فتحي طالبة رغم جهود الحي في تجميل الميادين وتزينها بالأشجار والمقاعد لتكون متنفساً للسكان إلا أن مافيا الميكروباص شوهت هذا المظهر الحضاري حيث تحول الميدان إلي ساحة كبيرة للعربات المتصادمة التي كنا نراها في الملاهي فقط. وتضيف: علي الرغم من أهمية الميكروباص الذي يربط المعادي بمناطق عديدة كالهرم والتحرير ورمسيس إلا أن التنظيم أصبح ضرورة ملحة بعد ما تتعرض له المنطقة بالكامل من جلطة مرورية بجميع الشوارع المتقاطعة نظراً للعشوائية واختفاء عسكري المرور مع العلم أن تصميم شوارع المعادي بنظام الميادين كان يهدف في الأصل لتحقيق سيولة مرور السيارات. خالد عبدالحق ضابط يقول: منزل العائلة بشارع النادي وأقمت به بعد زواجي لفترة وكان به من الهدوء والرقي ما يتناسب مع وضعي الاجتماعي ولكن للأسف أصابته الضوضاء وتشوه بالميكروباص والتوك توك والمشاجرات المستمرة بين سائقيها والتي تضم الآذان بالعبارات النابية مما اضطرني للانتقال للتجمع حيث النقاء والهدوء الذي افتقدته في حي المعادي الذي كان راقياً.