إذا كانت قري الظهير الصحراوي في محافظات أخري بغرض خلق مجتمعات عمرانية جديدة وتخفيف الكثافة السكانية بالقرية القديمة المكتظة بالسكان.. ففي الوادي الجديد كان الهدف مختلفاً.. حيث أقيمت لحل مشاكل المواطنين مع الطبيعة ولتعويض الأهالي المضارين وقرية القصر الأثرية ولتوفير مساكن للشباب بالتجمعات العمرانية الجديدة لكنها للأسف لم تحل مشاكل الكثافة السكانية في الوادي القديم ولم تحل مشاكل المواطنين مع الطبيعة في الوادي الجديد بل تحولت هي أيضاً إلي مشكلة قائمة بذاتها بسبب سوء التخطيط والإسراف غير المبرر وعدم المتابعة وتعثر الشركات المنفذة لها رغم انتهاء المدد الزمنية للتنفيذ منذ عدة سنوات وتحولت إلي خرابات تسكنها الأشباح وشاهد عيان علي اهدار عشرات الملايين من الجنيهات علي مشروعات وهمية. قري الظهير الصحراوي بالوادي الجديد صورة من أرض الواقع عن فساد عصر بأكمله وقرية جور مشين التي أقيمت بواحة باريس علي مساحة 66 فداناً بتكلفة اجمالية بلغت 40 مليون جنيه من دم الغلابة شاملة المرافق والخدمات نموذج لهذا السوء.. فقد أقيمت لنقل سكان القرية القديمة التي اجتاحت جيوش النمل الأبيض منازلهم والتهمت الأخضر واليابس وقضت علي المباني والأثاثات الخشبية والمفروشات وتوغلت في جذور الأشجار والمباني الخرسانية وفشلت معها كل سبل المقاومة وكان طبيعياً أن يهرب الأهالي منها والبحث عن مكان جديد واستجابت وزارة الاسكان لمطالبهم ووافقت علي انشاء القرية الجديدة في مكان آمن من خطر حشرة النمل الأبيض وتم رصد الميزانيات وطرح المشروع علي المقاولين وبعد مرور ثلاثة أعوام نظمت المحافظة احتفالاً كبيراً بمناسبة انتهاء المشروع ودعوة أبناء القرية القديمة لاستلام منازلهم الجديدة وكانت المفاجأة الكبري رفض شعبي لتسلم تلك المنازل لبعدها عن القرية الأم وحرمانها من جميع الخدمات والمرافق العامة وفي مقدمتها الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب فضلاً عن الخدمات الأساسية مثل المدارس والوحدات الصحية والمساجد والأسواق والمخابز بالإضافة إلي أن تصميم المنازل لم يتواكب مع حياة الريف. يقول عبدالحميد منصور نائب الشعب السابق ومن أبناء باريس إن مشكلة القرية الجديدة أنها لم تقم بجوار القرية القديمة لأن الأهالي مرتبطون بالأرض والزرع ولا يمكن الاستغناء عنهم فضلاً عن أن منازل القرية الجديدة وعددها 150 منزلاً بنيت بنظام القباب وهي غير مناسبة لحياة الفلاحين لعدم وجود أسطح كما أن شكل القباب أقرب ما يكون للمقابر قال عاصم نعيم إن وزارة الاسكان لم تكتف بفرض تصميم معين للقرية علي السكان بل قامت بالاعلان عن بيع المنازل بقيمة 50 ألف جنيه للمنزل الواحد وهو مبلغ كبير جداً بالمقارنة بقيمته الحقيقية حيث إنه عبارة عن منزل ريفي بسيط مبني من الطوب الأبيض ومكون من ثلاث حجرات وفناء مكشوف ولا توجد به مسلحات خرسانية وبالطبع رفض الأهالي استلام تلك المنازل علي الرغم من دفع البعض للمقدمات التي بلغت حوالي 5 آلاف جنيه طالب باستكمال الخدمات والمرافق أولاً ومد خدمات الصرف ومياه الشرب وتوزيعها علي شباب الخريجين للاقامة بها واستصلاح المساحات المجاورة لها بدلاً من تركها مهجورة تسكنها الأشباح. أما القرية الثانية وهي القصر الإسلامية بالداخلة وهذه حكايتها حكاية أيضاً يقول محمود رياض من أبناء القرية إن العمل بدأ بها منذ يوليو 2008 بتكلفة 40 مليون جنيه شاملة المرافق الرئيسية وفي مقدمتها مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء وتتكون من 200 وحدة سكنية علي مساحة 43 ألفاً و200 متر مربع وكان الهدف من إنشائها هو توفير مساكن بديلة لسكان قرية القصر الأصليين الذين تم نزع ملكية منازلهم وعقاراتهم القديمة لصالح وزارة الثقافة والمجلس الأعلي للآثار ولم يحصلوا علي التعويض المناسب من الدولة خاصة أن وزارة الثقافة أعلنت وقتها عن ضم المساكن القديمة للأهالي إلي الآثار الإسلامية وكان من المفترض انتهاء العمل بالقرية الجديدة في يوليو 2010 لكن للأسف توقف العمل بالمشروع أكثر من مرة ولم تزد نسبة التنفيذ عن 55% حتي الآن لتعثر الشركة المنفذة وتناوب أكثر من مقاول علي العمل بالمشروع علي الرغم من أهميته للأهالي المضارين. أما الخير والنماء بواحة بلاط فيقول عنها حسن سيد مدير مركز اعلام الداخلة ومن أبناء القرية الآن أنها تتكون من 50 منزلاً ريفياً بدوياً كمرحلة أولي تصل إلي 200 منزل عند انتهاء المشروع بالكامل لكن للأسف الشديد العمل يسير بسرعة السلحفاة والمقاول متعثر وكان الهدف من القرية هو انشاء مجتع عمراني جديد علي امتداد طريق بلاط/الداخلة وتوطين شباب الخريجين في تلك المنطقة خاصة أن وزارتي الزراعة والري حفرتا 8 آبار مائية جوفية لاستصلاح وزراعة 1300 فدان علي طول الطريق تمهيداً لتوزيعها للشباب وزراعة المتخللات السكنية لكنها للأسف لم تستكمل وتعثر انشاء المشروع أكثر من مرة. أكد مصدر بجهاز تعمير الوادي الجديد أن الشركات المنفذة لقري القصر وبلاط تعثرت ولم تلتزم بالجداول الزمنية للتنفيذ وتم اتخاذ كافة الاجراءات القانونية تجاههم وتم منح قرية القصر مهلة أخيرة تنتهي في شهر يونيو 2012 لكنها لم تستكمل أيضاً ويجري العمل حالياً بالتوازي في مد المرافق والخدمات العامة للقرية وبعد الانتهاء من انشائها سيتم تسليمها للمحافظة لتوزيعها علي أبناء القرية وفقاً للقواعد المتبعة ومنح الأولوية لأصحاب العقارات التي نزعتت ملكيتهم لصالح مشروع محمية القصر الأثرية والسياحية وفيما يتعلق بقرية الخير والنماء بواحة بلاط فقد بدأ العمل بها في شهر ابريل 2008 ولم يتم الانتهاء منه حتي الآن علي الرغم من انتهاء المدة الزمنية للتنفيذ في أكتوبر 2009 وقام جهاز التعمير باتخاذ جميع الاجراءات القانونية تجاه المقاول لعدم الجدية وخصم مبالغ مالية منه وتم منحه مهلة أخيرة تنتهي في 13 أغسطس القادم مشيراً إلي أن نسبة تنفيذ الأعمال بلغت حتي الآن 65% بتكلفة تصل إلي 5 ملايين و100 ألف جنيه.