أجواء الحرب التي تسيطر علي العالم الآن يجب أن تستنفر العرب بصفة خاصة لعمل إيجابي لمصلحتهم الخاصة لأن وقائعها تجري علي أرضهم بالذات وليس علي أي أرض أخري وهنا يثور السؤال حول ما الذي يمكن للعرب فعله وسط هذه الأجواء المحمومة؟ بداية علينا ألا نستخف بما يجري حولنا من أحداث تشير كلها إلي أن المنطقة العربية مستهدفة من قوي كبري خاصة أمريكا وحلف الناتو تتحكم احتكارات صناعة السلاح في سياساتها الخارجية من أجل تحقيق مزيد من الأرباح تصل إلي آلاف مليارات الدولارات من صفقات بيع الأسلحة لكل أطراف النزاعات العسكرية التي تجري علي الأرض العربية ولذلك تقوم سياساتها علي مزيد من اشعال الحروب الآن وفي المستقبل. يكشف هذه الحقيقة مقال نشرته مؤخراً صحيفة "الديلي تلجراف" البريطانية لوزير الخارجية السابق وليام هيج بعنوان "أخطأنا في العراق. إلا ان هذا لا يمنعنا من التدخل في سوريا"! فرغم اقرار هيج بصحة اعتراف رئيس الوزراء السابق توني بلير بالخطأ الذي ارتكبته بلاده بالتواطؤ مع الولاياتالمتحدة في الحرب علي العراق إلا انه لا يتورع عن الدعوة لمزيد من التدخل العسكري خارج بلاده ويقول ان "أصحاب الحملات المنددة بالحرب عليهم معرفة ان عدم القيام بأي دور خارج البلاد سيكون الخيار الأسوأ علي الإطلاق للبلاد" وان علي بريطانيا التدخل في الخارج أكثر من السابق. كما انه يجب علينا أن نكون مستعدين لذلك عندما يحين الوقت ولعلنا الآن نحتاج إلي مثل هذا التدخل ويستكمل "الحاجة لهذا التدخل ستكون متزايدة بسبب انتشار الإرهاب وهذه ظاهرة لن تتلاشي بصورة فورية" ويحدد المقال بدقة مكان التدخل الذي يدعو له فيقول "الوقت حان للتدخل في سوريا" مبرراً لذلك ب "نحن بحاجة إلي حماية مواطنينا من الهجمات". وهكذا فإنه يعترف بالخطأ ولكنه في سبيل المصلحة العليا لبلده ولحلفائه والمستفيدين من اشعال الحروب لا يخجل من الدعوة إلي تكرار الخطأ. تلك هي بوضوح استراتيجيتهم المبنية علي التدخل في بلادنا. فمعروف ان ما يجري علي أرض سوريا تصل تداعياته إلي مصر بالتبعية بل وإلي كل الدول العربية دون استثناء مع الوضع في الاعتبار وجود إسرائيل ذلك الجسم الغريب المزروع اصطناعيا في وسطها وهو لديه خطط للتمدد والتوسع واستغلال كل تطور عالمي لمصلحته. كما فعل في أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث طرد شعب من أرضه وأحل مهاجرين من كل بقاع العالم بدلاً منه واليوم يكرر ذات السياسة ويستغل الموقف الدولي الملتهب في المنطقة لتحقيق مزيد من المكاسب علي حساب الشعب العربي الفلسطيني. ونعود إلي السؤال الأساسي: ما الذي يجب علي العرب أن يفعلوه لمواجهة تلك المخاطر. الجواب المنطقي هو التوحد حول هدف واحد هو حماية أمنهم القومي. كيف يتحقق ذلك في ظل تشرذم ومصالح متعارضة ونزاعات بين الحكومات وجامعة "عربية" عاجزة عن القيام بدورها في التوحيد. الإجابة صعبة وربما نجد الحل في توحد الشعوب بعيداً عن خلافات الحكومات كيف يتحقق ذلك؟ ليست لدي إجابة محددة. لقطة : وسط الأجواء الانتخابية شديدة الالتباس جاء فوز المناضل القديم والمحلل السياسي والاستراتيجي سمير غطاس من الجولة الأولي "انتصار للدولة المدنية التي ندعو لها منذ سنوات طوال" حسب تعبير أحد الأصدقاء.