بعد تنفيذ أي عمل إرهابي خسيس. وسقوط ضحايا أبرياء وإحداث ضرر بالممتلكات العامة والخاصة. تقف الدنيا علي قدم واحدة ولا تقعد. ونسمع بعدها من المسئولين أحاديث عن قوانين استثنائية وتشديد الرقابة علي الحدود والموانئ والمطارات. وتوسيع دائرة الاشتباه. ووضع أفراد تحت الإقامة الجبرية. وإجبار آخرين علي مغادرة البلد الذي حدث به العمل الإرهابي. ورغم تكرار تلك الحوادث إلا أن العالم لم يجمع إلي الآن علي تعريف دقيق لمفهوم الإرهاب. بل والغريب في الأمر أن المنظمات العالمية والمؤسسات الدولية لم تسع جاهدة وبصدق. إلي البحث عن أسباب الإرهاب ودوافعه لدراستها. فبعد حادث إسقاط برجي التجارة بمنهاتن عام 2001. وبدلا من قيام الولاياتالمتحدة بالبحث عن الأسباب والدوافع التي استند إليها منفذو هذا العمل الإجرامي الخسيس لدراستها ومعالجتها تبنت فكر معاقبة الدول. واستثمار الحدث لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية علي أرض الواقع. فرأينا حرب العراق. وإشعال الفتن في سوريا واليمن. وتعزيز إشاعة الفوضي في الوطن العربي بأكمله والعمل علي تفتيته. متناسين أنهم من صنع تنظيم القاعدة في أفغانستان وأنهم من مولوه ودربوه. بل ومدوه بالخدمات اللوجيستية. ووفروا له المعلومات والسلاح. وبدلا من الاستفادة من الدرس أعادوا التجربة من جديد بدعم ظهور تنظيم داعش إلي حيز الوجود. ظناً منهم بضمان ولائه وإزاحة فعاليات الإرهاب إلي أرض الآخرين. ولكن الأيام والأحداث أثبتت أنهم كانوا واهمين. وبدلا من قيام الدول الأوروبية الأكثر عراقة بالدراسة الموضوعية. رأينا الرسوم المسيئة للدين الإسلامي بالصحف الدنماركية. لتؤذي مشاعر مليار ونصف المليار مسلم منتشرين في كافة بقاع الأرض. ولعل تبني مجلة شارل إبدو الفرنسية نفس الفكر. وتعمد تشويه الدين الإسلامي وتعزيز الفكر المتعصب لخير دليل علي أن ثقافة الغرب مازالت تحتاج الكثير من النضج للتعامل مع القضايا الحساسة والمرتبطة بالعقائد والأديان. وهنا لا نعطي المبرر للمارقين المتحجرين صك استخدام الأعمال الخسيسة لمواجهة آفات وسقطات الغرب والتي لا نرضي عنها ولا نوافق عليها. لذا فمن الواجب الآن وليس في مرحلة لاحقة أن يعرف الإرهاب بكونه الاستخدام المفرط للقوة ضد آخرين دون سند من الشرعية والقانون. ويجرم وتغلظ عقوبة مرتكبيه سواء أكان ذلك علي مستوي الأفراد أو الجماعات أو الدول. كما أن هناك ضرورة ملحة لتبني مبدأ الوسطية وعدم التشدد في كافة الأديان السماوية. وذلك من خلال العمل المخلص والهادف لمنابر هذه الأديان. لتعديل الأفكار المتطرفة والحد من انتشارها. وبدلا من صرف المليارات في علاج تداعيات الإرهاب يجب تخصيص قدر مقبول من هذه الميزانيات لعلاج جدور الافكار المتطرفة لإحداث التقارب بين الشعوب من خلال حوار صادق بين الحضارات. وذلك قبل أن يستفحل الأمر وتصل الأمور إلي درجة عالية من التعقيد قد تصل بالجميع إلي نقطة اللاعودة. أما الواقع المصري فيدفعنا إلي التحية الواجبة لرجال القوات المسلحة والشرطة ومن قبلهم الإرادة السياسية التي تعمل علي التصدي للإرهاب والقضاء عليه وتحجيمه. انتظاراً للحظة التي تدرك فيها باقي مؤسسات الدولة الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية كامل التزامها تجاه تصويب الافكار المعوجة الماجنة والمغلوطة. ذلك بالتزامن مع اللحظة التي يستفيق فيها الضمير العالمي للحفاظ علي الإنسان ومقدراته بعيداً عن المصالح والاطماع.