ما أن وضعنا أقدامنا علي أول الطريق لتحقيق حلم مصر في دخول العصر النووي. حتي انطلقت ألسنة المشككين الذين احترفوا التشكيك في في كل شيء. والذين لا يريدون لهذا البلد أن يشهد انجازاً ولا انطلاقاً.. وهكذا بدأنا نري ونسمع افتراءاتهم علي هذا المشروع الحلم.. والتي لا أريد أن أكررها هنا حتي لا أسهم في نشر افتراءاتهم وادعاءاتهم.. ولكن علينا أن ندرك أن مجرد انطلاق هذه الحملة المغرضة هي شهادة نجاح لهذا المشروع قبل أن يبدأ.. وأنهم ماداموا يحاربونه. اذن.. فنحن علي صواب.. لقد عشنا سنوات نحلم بأن يتحقق هذا المشروع علي أرض مصر.. وتأخر الحلم سنوات وسنوات لأسباب عديدة.. بينما كانت مصر تفقد أبناءها الذين درسوا هذا العلم ولم يجدوا مجالاً لتخصصهم في مصر.. وواجه هذا الحلم حروباً من أطراف عديدة.. وكلها لم تكن تريد لمصر أن تدخل هذا العصر النووي.. وساعدت بعض الظروف الدولية علي هذا التأجيل.. كما حدث بعد انفجار مفاعل تشيرنوبل.. ثم انفجار مفاعلات أخري في اليابان.. ولكن الحلم لم يمت.. حتي في ظل من يقولون إن بناء المحطات النووية يتراجع.. أو من يقولون إن بعض البلاد ستفكك محطاتها.. لم يؤثر شيء من هذا علي الحلم.. فالعالم يتعايش مع هذه المحطات في أمان.. الكثير من الدول تواصل بناء محطاتها.. ويتعايش الجميع إلي جوارها في أمان.. وحتي الدول التي تملك مصادر طاقة وفيرة خططت واتفقت علي اقامة محطات نووية.. وهذا كله يعني أن العالم مازال وسيظل متمسكاً بإقامة هذه المحطات. لعل من بين أسباب ذلك أن تتعدد مصادر الطاقة.. كما تتعدد مصادر السلاح.. فالتعدد في الحالتين واجب.. وهو أي التعدد واحد من أسباب تحقيق الاستقرار في هذه المصادر.. وقد تعرضت الضبعة كمحطة وكأرض لكثير من المخاطر.. قبل 25 يناير.. وبعد 25 يناير.. قبل يناير أثيرت قضية التأثير علي المنتجعات السياحية حولها.. ثم أثيرت قضية أرض الضبعة نفسها كموقع سياحي يدر المليارات.. وارتفعت أصوات كثيرة تطالب بنقلها إلي موقع آخر حتي لا تهدر أرض يمكن أن تدر "هذه المليارات".. بينما هناك بدائل ممكنة.. ولكنه اتضح أنه لا أضرار علي البيئة المحيطة.. كما أن الضبعة أفضل المواقع.. فكان بعد ذلك اقتراح بديل.. بأن تتراجع المحطة عن الشاطئ.. لتبني في الظهير الخلفي للشاطئ.. ويتم حفر انفاق لأنابيب البنزين تصل البحر بالمحطة في الداخل.. وبذلك يمكن الاستفادة بالموقع القريب من البحر وليس علي البحر في بناء المحطة.. والاستفادة بالشاطئ في استثمار عالمي.. وقد كنت أنا شخصياً أحد من مالوا إلي الرأي الأخير.. من باب تعظيم الاستفادة من ثروات مصر.. طالما أن الاقتراح ممكن عملياً.. وعلمياً.. ولكن الاقتراح لم ينل حظه من الدراسة.. أو التعليق من متخصصين.. وعندما جاء يناير ..2011 دخل كل شيء إلي غياهب النسيان.. ولكن الذين يريدون تحطيم الحلم النووي لم ينسوا.. فكان الاعتداء علي أرض الضبعة.. وكل ما عليها من منشآت.. وسخر أعداء الوطن في هذا جانباً من البدو الذين أعادوا الاستيلاء علي الأرض وأزالوا كل ما يمت إلي مشروع الضبعة بصلة.. وبعد 30 يونيو.. تكفلت الدولة بإصلاح ما أفسدته يناير.. فكان أن تم التراضي مع من ادعوا ملكية أراضي الضبعة.. رغم أنه سبق أن صرفت لهم تعويضات في سنوات سابقة.. فأعيد تقدير الأراضي وقدرت تعويضات جديدة.. وأقام جيش مصر مساكن جديدة لمن أضيروا.. وهكذا أصبح كل شيء ممهداً لكي يعود مشروع الضبعة إلي الحياة.. بعد أن تبناه الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ثم خرج المشروع إلي النور بتوقيع عقده مع روسيا في 19 نوفمبر ..2015 وهو يوم ميلاد الرئيس السيسي. ليكون كما قال البعض هدية إلي الشعب المصري في مولد رئيسه.. وقد كان المشروع حقاً هدية بالغة التأثير في حاضر ومستقبل مصر.. سياسياً.. وعلمياً.. واقتصادياً.. فسياسياً كان التوقيع مع روسيا.. في ظل أزمة الطائرة الروسية التي سقطت وسط سيناء.. مؤشراً واضحاً بمتانة وقوة علاقتنا بروسيا التي لا تؤثر فيها أحداث عارضة مهما كانت جسامتها.. كما أن المشروع من الناحية العلمية سوف يدخل مصر عصراً جديداً.. ويتيح لها أن تبني كوادر جديدة من أبنائها تدخل بهم العصر النووي.. وتستعيد أيضاً طيورها المهاجرة ممن تخصصوا في هذا المجال.. ولم يجدوا الفرصة لممارسته في مصر.. أما اقتصادياً.. فهو يوفر طاقة نظيفة ورخيصة لمصر.. ولا يكلفها شيئاً.. ولأول مرة تبرم مصر عقداً بهذا القدر من التمويل دون أن تدفع شيئاً.. بل يكون الدفع علي 35 عاماً بعد اتمام الانجاز والتشغيل.. ومن عوائد التشغيل.. وربما لم تصرف مصر قرصاً ميسراً كهذا.. لا يلقي علي كاهلها في الحاضر ولا في المستقبل أي أعباء.. بل يوفر لها دخلاً سنوياً يقدر بأربعة مليارات دولار.. إن كل وطني مخلص لوطنه.. ومحب له.. قد أحس بالفرح الغامر مع الإعلان عن توقيع عقد تنفيذ هذا المشروع الحلم.. ويقترن الفرح الغامر. بالتفاؤل بمستقبل هذا الوطن.. وبقدرة أبنائه علي الوفاء بأحلامه.. رغم أنف المشككين والمغرضين.