حضر الدين والفتاوي في الانتخابات البرلمانية التي لاتزال مرحلتها الأولي تواصل عملها في جولات الإعادة.. حيث خرج الكثيرون ممن ينتمون للتيار الديني يعتبرون أن مشاركتهم في الانتخابات بمثابة دفاع عن الهوية الإسلامية لمصر.. وفي المقابل استدعت بعض القوائم الانتخابية التي تحسب نفسها ممثلة للدولة أحد الرموز الأزهرية الذي لم يجد حرجاً أن يعلن في إحدي المؤتمرات الانتخابية أن الملائكة تحيط بمؤتمرهم الجماهيري.. وآخر قال: إن الانتخابات فريضة كالصلاة المفروضة رغم نداءات الأزهر وكافة المؤسسات الدينية الأخري عدم الزج بالدين في الممارسة الانتخابية لكن النتائج أثبتت فشل تلك المناشدات. علماء الدين أكدوا ضرورة التدخل التشريعي اللازم قبل المرحلة الثانية منعاً للإساءة للدين. وصداً لمحاولات تفريغ النصوص الشرعية من قدسيتها في ممارسات انتخابية كافة الأسلحة بها جائزة. أوضح الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن الدين جاء لتحقيق مصالح الناس وأنه مجموعة من القيم والأخلاق والسلوكيات التي لا تتفق ومنهجية العمل السياسي والانتخابي بصيغته الحالية. مبيناً أن اقحام الدين في الممارسة السياسية أو الحزبية أثار علامات استفهام لدي الكثيرين من الغرب والشرق. وهذا ما بدا واضحاً خلال لقاء رئيس الحزب المسيحي الفرنسي. جان فريدريك بواسون. نائب رئيس لجنة القانون بالمجلس الوطني معه وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان قبل أسابيع قليلة. ووقتها أجاب وكيل الأزهر علي البرلماني الفرنسي في مسألة شرعنة السياسة بإضفاء نصوص دينية تأييداً لموقف بعينه مؤكداً رفض الأزهر الشريف إقحام الدين في السياسة بشكلها المعاصر. أضاف: كثير من السياسات هو من الأمور الدنيوية التي تتغير وتتبدل كثيراً ومنها جوانب لا علاقة له بالدين أصلاً. وكل ما تتفتق عنه قرائح الساسة إن وافق مقاصد الشرع فلا تعارض بينه وبين الدين. وإن لم يجر علي قواعد الدين وأصوله فلا علاقة للدين به. فالتشريع الإسلامي لا يعرف القوالب الجامدة التي تلزم الساسة بتطبيقها تطبيقاً حرفياً. بل يمثل مجموعة من القيم والمبادئ الهامة يمكن للساسة الاستفادة منها في كثير من أمور السياسة. موضحاً أن النداءات التي أطلقتها المؤسسات الدينية لم تجد آذاناً صاغية وسط الصراع السياسي الحزبي في الانتخابات التي بدأت فاعلياتها خلال المرحلة الأولي. مما يستوجب تدخلاً رسمياً من الدولة بفرض عقوبات صارمة علي الذين يحاولون تطويع الدين لأهداف خاصة في الممارسات السياسية والحزبية. بينما أشارت الدكتورة خديجة النبراوي الباحثة الإسلامية إلي أن الدين كان حاضراً بوضوح خلال الدعاية الانتخابية في المرحلة الأولي التي تتواصل فاعلياتها في مرحلة الإعادة. موضحة أن أبرز ألوان الحضور الديني في الانتخابات ظهر في التصريحات التي أدلي بها الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار علماء الأزهر في المؤتمر الانتخابي لقائمة في حب مصر بمدينة الصف التابعة لمحافظة الجيزة. زاعماً أن هذه القائمة تحفها الملائكة بما يمثل استدعاء صريحاً للدين في الممارسة الانتخابية. بما يخالف قانون مباشرة الحقوق السياسية. أشارت الدكتورة خديجة إلي أن الانتخابات البرلمانية شهدت بروز فتاوي تعتبر التصويت في الانتخابات واجباً شرعياً. يأثم من يقاطعها أو يمتنع عن التصويت. بل وصل البعض إلي حد القول إن تارك الانتخابات ك "تارك الصلاة". وفي المقابل وجدت فتاوي تحرم المشاركة وتدعو إلي المقاطعة. وبين الداعين والمعارضين نجد أن التشريع الإسلامي يدفع ضريبة عدم ثقة المواطن البسيط بما ينص عليه من أخلاق ومبادئ. فكل فريق يضمن رأيه فتوي يستند إليها في صحة ما ذهب إليه رافضاً كلام الآخر. وهذا ما يفعله اللاحق بالسابق. ووسط تلك الخلافات نبحث عن الخطاب الديني وتطويره. دون أن نبحث عن الدين الذي يعاني صراع الملابس الممزقة. أعضاء البرلمان .. أهل الحل والعقد في الإسلام والتدقيق في اختيارهم واجب جمال حمزة التحري في اختيار نواب الشعب واجب ولا يجوز التقاعس بحجة عدم معرفة المرشحين لأن الإسلام أمرنا بالبحث والإيجابية في التعامل مع القضايا خاصة اختيار من يشرع لنا في البرلمان. يقول الدكتور منصور نصر قموح - الأستاذ بجامعة الأزهر: بالنسبة لكيفية دعوة الإسلام إلي الإيجابية في التعامل مع قضايا الوطن.. يحثنا الدين الإسلامي علي اتباع كل ما من شأنه تحقيق السعادة للبشرية سواء مسلمين أو غير مسلمين.. ولذلك أمرنا بطاعة أولي الأمر وقرنها بطاعته سبحانه فقال: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" فإذا كان ولي الأمر يرشدنا إلي ما فيه مصلحة البلاد والعباد فأحري بنا أن نقول سمعنا وأطعنا لأن في ذلك مصلحة لسائر المواطنين ولا شك أن قضايا الوطن علي اختلاف أنواعها وأشكالها تصب في مصلحة المواطن وتحقيق قدر من الرفاهية والسعادة بين أفراد الشعب.. من أجل ذلك نعلم جيدا أن ديننا الحنيف ليس دين عبادات فقط وإنما هو دين عبادات وسلوكيات حتي يسعد الجميع في ظل راية هذا الوطن وتتحقق له كل ما تصبو إليه نفوسهم. أوضح د. منصور أن الدين هو للدنيا والآخرة.. فتتحقق السعادة في الدنيا بتلبية نداءات الوطن في كل ما تتطلبه الحياة وتتحقق السعادة في الآخرة بطاعة الله ورضوانه.. وهذا هو منتهي الأمل لكل ذي عقل. وقال د. منصور نصر إن ما يجري الآن من انتخابات لبرلمان 2015 لا يخرج عن كونه مطلبا لقضية مهمة من قضايا الوطن.. فواجب علي الجميع ممن يستظلون تحت راية هذا الوطن أن يبادروا بتلبية النداء تحقيقا لنداء الشرع أولا في كافة الديانات.. وتلبية لنداء ولي الأمر من ناحية أخري.. وبذلك تتحقق السعادة برضاء الله أولا ورضاء أولي الأمر ثانيا. أشار د. منصور بشدة إلي خطورة المتقاعس في مثل هذا الأمر لأن خطره علي مستقبل الأمة عظيم وعلي الأجيال القادمة أعظم.. فإذا كان الله قد أعطاك حقا في المشاركة في اختيار قيادات الوطن فلا تضيع هذا الحق لأنك ستحاسب عليه أمام الله يوم القيامة.. لذا فإننا نهيب بكل مواطن يحمل بين جنبيه قلبا موحدا وفي رأسه عقلا مدبرا ألا يضيع هذه الفرصة ولا يفوت علي نفسه هذا الحق. يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس - الأستاذ بجامعة الأزهر: عن كيفية دعوة الإسلام إلي الإيجابية في التعامل مع قضايا الوطن: من أخلاق المسلم ألا يكون سلبيا في مواجهة الأمور التي تهم الفرد أو المجتمع.. ولهذا شرع الجهاد الذي هو دفاع عن الإسلام والمسلمين وغير المسلمين وعن أرض الإسلام وعن حرمات الإسلام حتي ولو أدي ذلك إلي ذهاب نفس المجاهد وماله.. كما شرع أيضا أن يكون المسلم متفاعلا مع أحداث المجتمع مشاركا الأفراد في كل أمر ذي بال.. ولذلك كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يشارك أصحابه في حفر الخندق وكان يحمل التراب علي كتفه الشريفة مع أن المسلمين يؤمئذ كثر.. ومن ثم فإن مشاركة المسلمين في التصويت لمرشح معين أو غيره هو نوع من المشاركة في الأمور التي تهم المجتمع. وقال د. عبدالفتاح إدريس: إذا نظرنا إلي المجلس النيابي فلا ينبغي أن تكون النظرة قاصرة علي مجموعة من الناس يصلون إلي مقاعد هذا المجلس بأصوات الناخبين بل ينبغي أن ينظر إليه علي أنه مجلس يطالب بحقوق المواطنين المطحونين وغيرهم.. وهي حقوق كثيرة لا يسع المجال لتعدادها بحسبنا أن الفرد في هذا المجتمع حرم من أبسط الحقوق الإنسانية التي يتمتع بها أفراد المجتمعات شديدة الفقر.. يضاف إلي هذا أن هذا المجلس هو مجلس رقابي بالدرجة الأولي في بلد باض الفساد فيها وفرخ وكثر فراخه وملأوا كل مرافق الدولة تقريبا.. ومن ثم فإن هذا المجلس تكوينه في غاية الأهمية في هذه المرحلة الراهنة التي تتطهر فيها الدولة من الفساد والمفسدين والتي تطمح الدولة إلي النهوض بمستوي الفرد الاجتماعي والمعيشي وغيرهما ولن يتحقق ذلك إلا بوجود هذا المجلس ذي الاختصاص الرقابي علي أعمال الجهات التنفيذية في الدولة.. ولهذا فإن مصلحة المجتمع بأثره تقتضي مشاركة المسلمين وغيرهم في هذه الانتخابات وإلا فإن الفساد سيظل يرتع في مفاصل هذه الدولة إلي أن يقضي علي الأخضر واليابس والعامر وغير العامر. المشاركة في الانتخابات .. خلق إسلامي الإدلاء بالصوت شهادة.. بشرطة حسن الاختيار المشاركة الإيجابية بالانتخابات سواء ب لا أو نعم من أخلاق الإسلام بحيث يستطيع المجتمع المسلم أن يختار الأفضل ممن يمثلونهم. الدكتور محمد فوزي عبدالحي - أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر - يقول: إن المشاركة الإيجابية تقارب أن تكون واجب من الواجبات الشرعية لأن علي هذا الاختيار تقوم التشريعات والقوانين التي يضعها المشرعون من خلال مجلس النواب. وإذا كان أهل العلم من المالكية في أصولهم كما في كتاب "المقدمة" في علم الأصول أن علي العامي الاجتهاد في طلب الفتوي وذلك بسؤال أهل الذكر من العلماء والعاملين وذلك احتياطا لدينه وهذا واجب علي العامة وقياسا علي هذا فيجب علي العامة الاجتهاد في اختيار أهل العلم والذكر لشغل مقاعد مجلس النواب من أجل تشريع وسن القوانين الوضعية الأقرب لروح الشريعة الإسلامية من أجل خدمة المجتمع وتحقيق مقاصد الحق - سبحانه وتعالي - من الخلق من حرية المعتقد وحرية التعبير وإقامة العدل وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. وأضاف د. عبدالحي أن المشاركة الانتخابية من قبل أن تكون واجبا وطنيا فهي عملية من عمليات الاجتهاد الواجبة في حق أعيان المسلمين - أي أفرادهم - نصحا لله وللرسول وللمؤمنين. كما في حديث عبدالله بن جليل البجلي أنه قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "الدين النصيحة: قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولعامة المسلمين وخاصتهم". وقال د. عبدالحي إن اختيار المرشح الجديد والأصلح بهذا الموقع هو من النصح لله ولرسوله ولدينه. وقد قال: صلي الله عليه وسلم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".. وإغفال هذا الواجب يؤدي إلي سيادة العصبية وبروزها وتغولها في خدمة المصالح الشخصية بعيدا عن النصح لعامة المسلمين. وإذا اتخذ الناس موقفا سلبيا في عملية الانتخاب. لذلك علي المؤمن الناصح لدينه أن يسارع بالمشاركة في العملية الانتخابية حتي يضمن وصول الأحق والأجدر لهذا الموقع الخطير من مواقع التشريع في العصر الحديث.. ولا ننسي صحابة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وقد سارعوا إلي ثقيفة بني ساعدة للنصح لله والرسول وجمع كلمة المسلمين في اختيار الخليفة الأنسب والأحق لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - فسارع أبوبكر وعمر وطلحة بن عبيد الله إلي مجلس الأنصار في ثقيفة بني ساعدة ليدلوا بأصواتهم ويبصروا الناخبين بالحق الذي لا محيص عنه. وأشار د. عبدالحي إلي أن أبوبكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يجمعون خيار المسلمون وأفاضلهم من العلماء لأخذ آرائهم فيما ينزل بهم من نوازل الدين والدنيا.. وهذه كانت نواة صغير لمجلس برلماني علمي وحر يمثل صورة من أرقي صور الديمقراطية العلمية التي ينتظر أن يرقي إليها البشر في نهاية هذا القرن.. وقد كان من بعدهم يجمع الإمام أبوحنيفة - رضي الله عنه - أصحابه بالمئات في مجلسه بالكوفة بالعراق حتي يتداولوا شئون المسلمين ويناقشوها مع إبداء الرأي فيها ثم كتابة تقارير مفصلة عما وصلوا إليه مع بيان الحكم النهائي في كل أمر من الأمور.. وكانت هذه كلها أمور جديدة تفضي إلي صورة ديمقراطية حديثة تعبر عما نريده الآن.. لذا من الواجب علينا أن نشارك جميعا بموقف إيجابي من خلال اختيار شعبي لنواب الشعب وتلبية لنداء الوطن. وقال د. فوزي عبدالحي إن القرآن الكريم أول من سن لنا سنة النقباء - أي النواب المعبرين - عندما أخذ من بني إسرائيل - إثني عشر نقيبا - أي نائبا يتحدثون بلسان قبائلهم وبطونهم ثم جاء النبي - صلي الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الثانية حيث أخرج له الأنصار نقباءهم أي نوابهم الذين يعبرون عن آرائهم ويقبلون أو يرفضون من ينوب عنهم المهم أن يخرجوا. وفي هذا الوقت الحرج مصرنا بدون برلمان تشريعي منذ سنوات والوطن يحتاج إلي من يأخذ بيده إلي بر الأمان من خلال تشريعات اقتصادية واجتماعية لأن مصالح العباد معطلة بهذا الفراغ التشريعي.. من هنا وجب علينا الخروج من أجل قضاء مصالح العباد والوطن.. والله المستعان. الدكتور محمد نجيب عوضين - أستاذ الشريعة بكلية حقوق القاهرة - يقول: إن الإسلام حرص علي أن يكون للمسلم دور إيجابي في تحقيق مصالح الأمة. ونهي عن أن يكون الإنسان إمعة سلبيا يقول حسن إذا أحسن الناس. ويعترض فقط عندما يعترض الناس. وتتعدد آليات دور المسلم الإيجابي في تحقيق سلامة المجتمع واستقراره فيبدأ بنفسه أولا تصديقا لقول الله تعالي "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" وقول النبي - صلي الله عليه وسلم - "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول. وهذه دعوة لعدم لجوء المسلم إلي السلبية إذا رأي التراخي والأنانية في غيره. فعلي المسلم أن يفعل الصواب بغض النظر عما يفعله الآخرون فيحقق أولا القدوة أمام ربه ثم أمام أسرته الصغيرة وزملائه في العمل حتي يتبين لهم أنه لا يفعل ذلك إلا ابتغاء وجه الله. والمسئولية التي أولاها له في أن كل إنسان مسئول عما يعول. ثم يأتي بعد ذلك بتمسكه بالتوكل علي الله فيهم بالعمل وعدم التوكل أو التكاسل أيا كانت أوجه كسبه بكسب يده أو بعقله أو بنشر العلم فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. كما جاء في قول الله تعالي "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه" ثم ينتقل بعد ذلك إلي بث روح الانتماء بالوطن دون النظر إلي عِرق أو دين أو فصيل ما. فالوطن هو الأرض التي خصصها الله لطائفة من البشر لعمارتها وبذل كل الجهد للحصول علي الرزق لحاجة الإنسان وإبرازا لكرامة المواطن والذي يؤدي ذلك إلي تنفيذ أوامر الإسلام بتداول المال بين أفراد الأمة عن طريق الزكاة والتبرعات والوصايا والأوقاف ثم بالميراث. وأضاف عوضين أن إخلاص المسلم ينتقل لوطنه بالمشاركة في كل ما يحقق المصلحة العامة والنماء والرقي لمجتمعه ويظهر ذلك عن طريق النصح وتصحيح الاعوجاج بالطرق التي نظمها الشرع وعالجتها القوانين عن طريق المؤسسات والمجالس النيابية التي ينبي أن تضم أهل الحل والعقد الفاهمين لأمور الحياة والمتميزين بطهارة اليد وحسن السمعة وعفة اللسان ولا يهدفون في رأيهم إلي مكسب شخصي وإنما إرضاء لله وسلامة المجتمع. وقال د. عوضين إن المسلم إذا دعي بعد أن تتحقق هذه الضوابط والشروط وإلي إبداء رأيه وشهادته فيمن يمثلونه في أي مؤسسة كالنقباء والجمعيات والمجالس النيابية تلقي عليهم مسئولية كبيرة يضع فيها تحت رقابة المولي - عز وجل - فيعلم أنه إذا خالف الثواب في شهادته فيكون قد ارتكب كبيرة شهادة الزور وهي مخالفة الحقيقة والكذب في إدلاء الرأي كما أنه ينبغي أن يمتنع عن الإدلاء بشهادته في هذه الأمور إذا دعي إليها لأن النبي - صلي الله عليه وسلم - نبه من طلب منه الطريق الصحيح للإدلاء بالشهادة في كافة الأمور لقوله له "تري الشمس قال نعم قال - صلي الله عليه وسلم - علي مثلها فاشهد أو دع" وكذلك حذر المسلمين بقوله ألا وشهادة الزور. وعليه فيكون للمسلم دور إيجابي في هذه الشهادة لأنه ربما يترتب بالامتناع عن أدائها أن صوته وسيلة لوصول شخص غير كفء ولا يصلح لأداء هذه المهمة التي ينوب فيها عن الأمة وما يترتب علي ذلك من مفاسد كجهله بطريق سن الطوانين أو كيفية تحقيق الرقابة علي أجهزة المجتمع فيظل إمعة طوال فترة تواجده في هذا الموقع يصفق عندما يري المصفقون ويصمت عندما لا يستطيع الكلام في موضع الحاجة إلي الكلام والنبي - صلي الله عليه وسلم - يقول: "لا ضرر ولا ضرار" تحقيقا لقوله تعالي "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة" كما أن من الموبقات التي ينهي عنها الإسلام ولن يُفلت المسلم من محاسبة ربه هو تزويره للرأي أو سلبيته في موضع الإيجابية.