"مسرح مصر" تجربة فريدة وحالة متميزة في المسرح قدمها ونجح فيها الفنان الكبير أشرف عبدالباقي.. حرك المياه الراكدة في بحيرة المسرح التي جفت منذ عدة سنوات وكادت تجعل الناس ينسون كلمة مسرح ولكنه اخترق هذا الحاجز وقرر أن يقدم لونا مسرحيا خاصا به كان يدرك وهو الدارس لعلوم الفنون أن هناك اقلاما سوف تهاجمه وتتهمه بإهدار دم القوالب المسرحية التقليدية الثابتة وأنه يريد أن يحذف كثيراً من لقب أبوالفنون حروفا كثيرة ولكنه أصر علي أن يضيء ليالي المسرح وأن يردد أمام عشاق المسرح أن معشوق الفن الأول لا يزال موجودا ربما بقليل من التكاليف والابهار وربما بتخفيف كثير من تجهيزاته في الديكور والموسيقي والمؤثرات الصوتية والاضاءة ولكنه أراد أن يصنع جمهورا جديدا للمسرح علي يديه ويكون في صدارة شباب مصر وأن يخلص مسرحه من الهموم وأن يجعل جمهوره يضحك أولا وقبل كل شيء. وقد نجح في ذلك واستطاع أن يقدم في أول موسم له 20 عرضا مسرحيا وفي الموسم الثاني 17 مسرحية قدم منها تسعة بواقع عرضين مسرحيين كل اسبوع وهو مجهود جبار واستطاع أن يجتذب إليه جمهور البيت في مصر وكل البلاد العربية بعد إذاعته علي قناة MBC اسبوعيا وقبل هذا وذاك استطاع أن يقدم كوكبة من الفنانين الشباب اختارهم بنفسه واكتشف موهبتهم وقبولهم الجماهيري واعتمد في ذلك علي خبرته في المسرح وفي أعماله الدرامية وقد صدق حدسه وفرض هؤلاء الشباب أنفسهم علي ساحة الفن وصار الناس يعرفون ويرددون أسماءهم بل وأقبل عليهم المنتجون والمخرجون يرشحونهم في أعمال فنية متعددة رأيناها في رمضان. عبدالباقي مايسترو المسرح لقد شاهدت مؤخرا أحد عروض "مسرح مصر" وكم كانت سعادتي وأنا أجد ما لا يقل عن ألفي شاب وفتاة يحضرون هذا العرض وقد اشتروا تذاكر لمشاهدته تستطيع جيوبهم أن تتحملها وكم كانت لحظات العرض مقدسة لا تسمح فيها حسا أو همسا بل ضحكا وتصقيفا وانصاتا ثم إن مايسترو هذا المسرح ومؤسسه ومبدعه أشرف عبدالباقي الذي يشارك في كل عروض هذا المسرح لا تراه إلا قليلا بمشهد أو مشهدين لأنه يدرك أن الكلمة الأولي والأخيرة في هذا التياترو للشباب يدفع بهم وينظر إليهم ويحفز ويصفق لهم إنه الاستاذ الذي قدم تجربة هاجمه عليها بعض الكبار من نجوم المسرح ولكنهم لم يحركوا ساكنا في كثير من المسارح التي أظلمت أضواؤها. وبعد هذا العرض التقيت أبطاله في الكواليس أشد علي أيدهم فإذا بأحدهم وهو الفنان الشاب "علي ربيع" يتحدث معي عن اتهامه بأنه اساء إلي النجم الكبير عبدالحليم حافظ عندما قلده في أحد عروض مسرح "تياترو مصر" ودار معه هذا الحوار الذي تطرق فيه إلي عروض المسرح عموما. حليم رجل عظيم * هل أنت حقا أهنت الفنان الكبير عبدالحليم حافظ عندما أسقطت الباروكة التي وضعتها فوق رأسك علي الأرض في أحد مشاهد عرض إحدي المسرحيات؟ ** لم تحدث أي إهانة لفناننا الكبير علي الاطلاق ففي هذا المشهد وفي أول جملة بالمسرحية أقول فيها "أنا إيه خلاني أتنكر في شخصية الفنان عبدالحليم حافظ" لقد كان المشهد لحفلة تنكرية والذي جعلني أتنكر شخصية عبدالحليم حافظ هو لأنه رجل عظيم وأنا إنسان تافه لقد "غلطت في نفسي" لقد أعطيت لفناننا الكبير قيمته التي يستحقها ولو شاهدت المسرحية فلن تجد بها أي تريقة علي فناننا الكبير علي الاطلاق وقد عاتبنا مصمم الكوافير بالمسرحية أنه لم يلصق الباروكة جيدا في رأسي ولهذا سقطت من فوقه.. فالعملية كلها كانت "هزار" فقط ولكني فوجئت أن هناك اناسا يدققون ويكبرون لأمور لا تستحق أن تأخذ كل هذا الحجم. * محمد سعد سبق أن قلد في احدي اغنياته أم كلثوم من قبل في أحد أفلامه وتعرض لهجوم أنه أهان السيدة أم كلثوم في غنائها ولكنك كنت مختلفا في المسرحية؟ ** أنا في المسرحية لم أغن أغاني عبدالحليم أو اتريقت عليها ولم أقل أي شيء علي الاطلاق وأنا لا أجد ما أرد به علي من قالوا إنني أهنت حليم. الكوافير غير شكلي * ماذا يمثل لك عبدالحليم حافظ علي المستوي الشخصي؟ ** "يا لهوي" طبعا عبدالحليم حافظ أنا مش محتاج أتكلم عليه.. حليم حاجة كبيرة جدا وهو إذا لم يكن حاجة كبيرة فإن الناس لم تكن تذكره أو أنني أنا شخصيا ما كنت فكرت في التنكر في شخصية حليم القيمة الكبري. * ما المشهد الذي صنع هذه الضجة؟ ** إنها حفلة تنكرية في المسرحية وفي هذه الحفلة تنكرت في شخصية حليم ثم لا شيء بعد ذلك. * في إحدي مراحل حليم كان يظهر في حفلاته بشعركبير وتسريحة خاصة؟ ** أنا طلبت من مصمم الماكياج أن يجعل شعري مثل حليم واستمرت رأسي تحت يد الكوافير لمدة ساعتين وفوجئت بأنه جعل شكلي وشعري شبيها بأشخاص آخرين لقد اكتشفت أن هذا ليس شعر حليم أساسا وشكلي الذي ظهرت به لم يكن قريبا منه. باروكة لا تعني تريقة * ما رأيك في أن وائل الأبراشي تناول هذه الجزئية في برنامجه "العاشرة مساء"؟ ** هي حاجة لا تستحق أن يفرد لها مساحة في برنامجه وعلينا أن نركز علي حاجات وقضايا مهمة في البلد أفضل من ذلك حاجات كثيرة تحدث ومصر بها مائة ألف حاجة كبيرة والمفروض أن نركز عليها لا أن يتم التركيز علي خلع باروكة صنعت خطأ ولم تقترب من شخصية حليم ولم تكن دقيقة في تصميمها لأن ارتداء باروكة في مشهد مسرحية لا تعني "تريقة" علي حليم ويتم دعوة ابن شقيق حليم الاستاذ محمد شبانة ونكبر معه الموضوع ويكون غضبان مني لقد كنا في مشهد لحفل تنكري نتكلم ونمزح ولا نقصد الاساءة مطلقا عليهم. * كيف تنظر لنجومنا الكبار في مصر؟ ** هؤلاء هم رموزنا ومقامهم محفوظ من سنوات طويلة ولا يمكن لمشهد عابر أو أن نتصور أن أحدا يمكنه أن يهز صورة أحدهم ونحن أصلا لا نستطيع أن نهز شخصية ومكانة فنان كبير بل اننا لا نسمح لانفسنا أن نهز أو تتعرض لأي شخصية وحتي ولو كانت ماشية في الشارع ولأي رجل كبير ولا أي حد إننا نتعامل مع كل الناس باحترام شديد جدا. لا يوجد مشهد مخل * في تصورك لماذا أخذ هذا الموضوع أكبر من حجمه؟ ** أتصور أن من اثار هذا الموضوع ربما لم يشاهد العرض أو أنه ربما بعد أن حقق مسرح مصر نجاحا متواصلا فإن البعض يحاول أن يبدو في الصورة ويريد أن يحقق تواجدا علي اصداء هذا النجاح ولكنني أقول باخلاص ان المسرحية لا يوجد بها أي مشهد ومخل ونراعي ألا نخطئ في أحد إننا لا نفعل شيئا مسيئا لأحد اننا نريد أن نجعل الناس تضحك في قاعة العرض وبشكل نظيف ولا نسخر من أحد ولا نشتم أحدا ولا نقول ألفاظا مسيئة ولا نظهر أحدا بصورة سيئة ولا أي حاجة لأن الجمهور يجلس أمامنا ولو احنا بنتريق أو نسخر من أحد فإن الجمهور الجالس أمامنا كان شتمنا وهذا الجمهور وهو أكثر من الف واحد جالس أمامنا يحكم ولو شايف إننا بنتريق كان اعترض علينا فلماذا نطع ونتحدث عن شيء غير موجود وأنا بصراحة مش شايف حاجة أنا عملتها تجعلني اعتذر عنها لأنني لا أدري عن أي شيء اعتذر وإذا كان البعض يريد مني أن اعتذر علي لا شيء فإنني اعتذر لمصر كلها وعن أي حاجة. مسرحيات صغيرة * يقولون إن "مسرح مصر" مجرد سهرات وليس بالعمق المسرحي المتعارف عليه والمطلوب من المسرح؟ ** طبعا هو مش مسرح بالعمق الذي نعرفه عن المسرح والذي نقدمه في مسرح مصر هو مسرحيات صغيرة هدفها الضحك الراقي الذي يخلو من أي تريقة علي أي حد ولا أي حاجة وجمهور المسرح شاهد ذلك ويحكم علينا أما المسرحيات المعروفة فإنها تكون في شكل مغاير تماما وقتها اكبر ويكون فيها إضاءة أكثر وديكورات أكثر وكذلك موسيقي وما نفعله في "مسرح مصر" يختلف عن كل هذا.. نحن مجموعة شباب جدد موهوبون ننفذ حاجة صعبة جدا حيث نقدم اسبوعيا مسرحيتين وبصراحة المفروض البلد تكرمنا ويعطونا ميداليات أو أي حاجة لتشجيعنا لقد قدمنا حوالي 50 مسرحية صغيرة حتي الآن رحب بها الجمهور وضحكوا عند مشاهدتها وكل البلد بتضحك وإجمالي عدد مسرحيات هذا الموسم 17 مسرحية في الوقت الذي قدمنا فيه 20 مسرحية في الموسم الماضي ومجموعة الفنانين كما هم لم ينضم أي فنان شاب جديد إلينا. مسرحيات صعبة * كيف كان رد فعل الفنانين الكبار الذين شاهدوا عروض "مسرح مصر"؟ ** كلهم اشادوا بالعروض وقالوا لنا إننا عملنا حاجة صعبة جدا هم انفسهم ما كانوا يقدرون علي عملها وهي أن نقدم مسرحيتين كل اسبوع ويتم تغييرها والمؤلف الثابت لنا في هذه العروض هو نادر صلاح الدين ونحن نشتغل ونفكر معا في الأعمال التي يكتبها. * علي المستوي الشخصي ما هي الاغنيات التي تغنيها لعبدالحليم حافظ أو تستمع إليها؟ ** أنا "بشغل" في العربية دائما اغاني حليم ومنها اغنيات "فاتت جنبنا" و"بالأحضان" و"فدائي" و"احلف بسماها وبترابها" وأنا حافظ كل أغاني حليم وقد قبلت أن اتنكر في شخصية حليم لأنني اعشق حليم وعندما قالوا لي تحب تتنكر في شخصية مين في الحفل التنكري فقلت لهم حليم علي الفور ولهذا لا أتصور أنني اتريق عليه ثم لماذا افعل ذلك عن عبدالحليم حافظ الشخصية العظيمة المحبوبة ومش للدرجة دي "أتريق" عليه وأنا مش محتاج بعد 50 مسرحية في "مسرح مصر" أن "أتريق" علي حد كويس حتي أضحك الناس وأنا بعمل مسرحيات أخري وأقدم فيها افيهات والناس بتضحك أيضا ولهذا فما هو الداعي الذي يجعلني "اتريق" لقد تطلب في هذه المسرحية أن يكون بها حفل تنكري وأنا تنكرت في أكبر شخصية أنا أحبها وهي حليم.