"آمنت بالله.. نور جمالك آية من الله" هي الأغنية الخالدة لمطربة الزمن الجميل لورد كاش التي تهتز معها القلوب والأبدان بمجرد الاستماع إليها. وتشعر من ينصت إليها أنه يحلق في السماء ويعيش مع بدايات سنوات القرن الماضي. "لورد كاش" مطربة لبنانية مسيحية مارونية ولدت في بيروت 24 مارس 1917 بحارة بريك احدي المناطق الشعبية التي تعمل فيها كثير من الفرق الموسيقية. ومن هنا تعلقت بالموسيقي في سن صغيرة. إلي جانب استماعها للاسطوانات الغنائية التي كان يحتفظ بها والدها لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ومنيرة المهدية وسلامة حجازي وغيرهم. اكتشف والدها موهبتها مبكراً فدفعها للتعلم في العزف علي آلة العود حتي برعت فيه علي يد اللبناني بترو طراو. كما حفظت العديد من الموشحات. وذاع صيتها في بيروت كمطربة صغيرة وأطلق عليها أم كلثوم الصغيرة حتي أنها سجلت أول اسطوانة وعمرها تسع سنوات. وبعدها تربت علي أنغام التراث الأصيل تمكنت من أن تجمع ما بين الغناء والتلحين. وأصبحت أول سيدة عربية ملحنة. ولحنت لنفسها 120 أغنية من مجموع أغانيها الخاصة التي وصلت إلي أكثر من 500 أغنية جميعها مسجلة بالإذاعة المصرية!! سافرت مصر لأول مرة وعمرها 14 عاماً. والتقت بالسيدة صفية زغلول الملقبة بأم المصريين. أنشدت أمامها مرثية للزعيم الراحل سعد زغلول في ضريحه مطلعها "يا روح سعد قد سكنت قلوبنا وأقمت فيها للصلاة معبداً" وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً بين أوساط السياسيين والمثقفين. في عام 1945 طلبت الإذاعة المصرية أن تكون لورد كاش نجمة حفلاتها القادمة التي تقام بسينما ريفولي وراديو وقصر النيل فجاءت إلي مصر واستقرت فيها ولم تبرح القاهرة حتي مماتها في 12 اكتوبر 2005. حيث تحل ذكراها عشر سنوات علي رحيلها الاثنين المقبل. فتوفيت عن عمر 88 عاماً من بينها 60 عاماً عاشتها في مصر حصلت خلالها علي الجنسية المصرية عام .1973 كانت لورد كاش تتميز بصوت شجي دافئ به حلاوة وطلاوة وهو ما ظهر في أغنية "آمنت بالله" أغنية جميع الأديان التي كان وراء خروجها للنور قصة طريفة. حيث جاءت للقاهرة عام 1939 لتسجل عدة أغنيات علي اسطوانات بيضافون. وفوجئت عند موعد التسجيل بأن الشركة قررت أن تغني المطربة أسمهان احدي تلك الأغنيات. فثارت ولم تكن تعرفها. فحاول الملحن فريد غصن إرضاءها فأهداها كلمات أغنية "آمنت بالله". مؤكداً أنها الأفضل والأروع من الأغنية التي حصلت عليها أسمهان. وبالفعل أعجبت بها وقامت بتلحينها لتحقق شهرة لها حتي الآن. ولكن الأغنية نسبت إلي فريد غصن لأنها لم تكن معتمدة حينذاك في جمعية التأليف والتلحين المصرية. مما اضطرها لتتنازل لتنسب إلي غصن وينال بها شهرة كبيرة. قامت لورد كاش ببطولة فيلم سينمائي واحد فقط في السينما المصرية هو "الموسيقار" عام 1946 إخراج السيد زيادة وشاركها البطولة دولت أبيض وأحمد علام وعازف العود يعقوب طانيوس. إلا أن الفيلم فشل وسقط سقوطاً مدوياً. فاعتزلت السينما مبكراً ورفضت جميع الأدوار التي عرضت عليها. وأرجعت سبب الفشل إلي أن معظم العاملين بالفيلم جدد بداية من المخرج. عاشت لورد كاش مآسي عديدة في حياتها.. حيث انفصلت أمها عن والدها وعمرها عام ونصف العام وتركتها أمها وهاجرت لأمريكا. وتزوجت مرتين أحدهما في سن ال 16 عاماً بعد أن عادت أمها لبيروت وأصرت أن تتزوج مبكراً فعانت من زواجها اللبناني فؤاد سرور سنوات وسنوات وأنجبت ابنها الوحيد يوسف الذي توفي شاباً أثناء الحرب الأهلية في لبنان بسبعينيات القرن الماضي. وتزوجت عام 1970 من المصري سليمان الأمير ولم تنجب مرة أخري. وبعد وفاة زوجها عاشت وحيدة في فيلتها الصغيرة بمصر الجديدة واعتمدت علي ما لديها من إيراد من عمارة صغيرة في القاهرة. كادت تحقق نجاحاً في السينما المصرية مبكراً عندما عرض عليها الفنان محمد عبدالوهاب القيام ببطولة فيلم "الوردة البيضاء" عام 1933. ولصغر سنها وإصرار والدتها علي الزواج مبكراً ضاعت فرصة عمرها لتلعب البطولة سميرة خلوصي. عندما تولي الموسيقار أحمد شفيق أبوعوف رئاسة معهد الموسيقي العربية وهو والد الفنان عزت أبوعوف استعان بلورد كاش ضمن كبار المطربين في الحفاظ علي التراث الغنائي لحفظها العديد من الأدوار والموشحات والطقاطيق والقصائد. وهو ما فعلته الإذاعة المصرية أيضا. وحتي أن محمد عبدالوهاب أطلق عليها لقب "ملكة التواشيح" وهو ما فعلته أيضا الإذاعة التي تحتفظ بجميع أغانيها من بينها الأغنية التي غنتها في حفل تتويج وتنصيب الملك فاروق علي عرش مصر. ولكن معظم تلك الأغاني ذهبت في طي النسيان بالإذاعة برغم أنها تمثل التراث المصري الأصيل ولا تذاع إلا من خلال البرامج التي تتناول أغاني التراث.