لا أعرف سر عشقي لميدان طلعت حرب بوسط القاهرة.. ونظراتي التي لا تتوقف لرؤية الرجل الذي نال شهرة واسعة في عالم الاقتصاد.. وربما زاد من تعلقي بهذه المنطقة ترددي منذ بدايات زياراتي الأولي لقاهرة المعز علي مكتبة مدبولي وحرصي الدؤوب علي التزود بكل ما هو جديد في عالم المعرفة.. وطبقاً للإمكانيات المتاحة في كل مرحلة عمرية.. غير أن ما لفت نظري فعلاً واسترعي انتباهي هذا الرجل الذي لم يغيره الزمن ومازال واقفاً في مكانه في الجهة المقابلة لمكتبة الشروق.. ويحمل في يديه ميكوفوناً صغيراً.. فهو دائم علي طلب الصدقات لبناء المسجد الفلاني ولا أدري هل هو مسجد واحد أم هي مساجد متعددة.. المهم أنه تخصص مساجد.. ومتي يتم الانتهاء من تشييدها الله أعلم؟؟ مرة واحدة تجرأت وقدمت له تبرعاً متواضعاً فإذا به يعطيني إيصالاً.. وقلت الحمد لله أن الرجل يقوم بدوره طبقاً لما رسمه القانون والدستور.. إلا أنني بعد أن تركته لعدة خطوات فتحت الإيصال فإذا بي افاجأ.. إنني شربت المقلب.. فالإيصال منتهي الصلاحية.. صحيح أنه صادر عن أمر جمع مال من وزارة التضامن إلا أنه فاقد الأهلية حيث مر علي الموافقة أكثر من عامين.. فكرت ملياً أن أعود لتوي إلي الرجل الذي غرر بي.. لكن ما لبثت أن تراجعت فالناس ربما يتعاطفون معه وأتعرض لموقف محرج أنا في غني عنه وهذا أضعف الإيمان.. وقد يمتد الأمر إلي علقة ساخنة من المحبين.. وهذه طامة أخري.. الرجل المنادي في طلعت حرب ليس وحده ولكن هناك أمثاله كثيرون.. وليس أمامنا نحن إلا أمرين إما الدفع أو الصمت.. هؤلاء يتبارون بإقامة المشاريع الخيرية بعيداً عن أعين القانون.. والمراقبة.. نحن مع إقامة المشاريع التي تخدم الغلابة وتشجيع الجهود الذاتية لبناء المساجد والمستشفيات وغيرها؟؟ تحت مظلة القانون وعبر لجان تتوج عملها بالمكاشفة والمصارحة وتقديم كشف حساب من باب حتي يطمئن قلبي.. لكن أن يترك الحبل علي الغارب دون مراقبة فأنا أعتقد أن الأمر يثير الكثير من الشكوك والريبة.. والمؤسف أن هؤلاء في الغالب الأعم يحققون ثروات هائلة وطائلة.. والطريقة سهلة لا تحتاج إلي عناء أو نصب.. فالحكاية من أولها إلي آخرها لا تكلف إلا جلبابا قصيرا وإطلاق اللحية.. والباقي علي الله. وبالمرة حفظ عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلي الإنفاق في سبيل الله.. فهل يمكن أن تقنن الصدقات عبر تشريع يضمن وصولها إلي المشاريع التي تخدم البلاد والعباد.. أم أنها ستظل سبوبة ولا بأس إن توجت بشعارات إسلامية لدغدغة مشاعر العامة كما حدث معي أنا شخصياً.. هذا ما ننتظره؟؟