اعتقد أن الاستهتار بتأثير السينما علي الشباب أحد مظاهر التخلف الحضاري لذلك فإن مناهج التعليم الأحدث لا تتردد أن تكون السينما وسيلة رئيسية للتعلم ومناقشة الافكار الاجتماعية والسياسية أو عرض صفحات من التاريخ سواء من الماضي البعيد أو القريب. الاستهتار بالسينما لم تعرفه مصر قبل حرب أكتوبر 1973. كانت السينما في عصرها الذهبي وسيلة للترفيه وتعليم الشعب حياة الحداثة والتحضر والمدنية ولكن منذ السبعينيات اصبحت السينما للتسلية وتم ابعادها عن الوسائل التعليمية وكانت قصة مثل "واسلاماه" للكاتب علي أحمد باكثير مقررة علينا ونحن طلبة وكان التليفزيون يحرص علي عرض الفيلم الذي اخرجه أندرو مارتون عام1961 وكنا نتخيل جهاد وهي الفنانة لبني عبدالعزيز ومحمود "أحمد مظهر" واقطاي "فريد شوقي" وسلامة "حسين رياض" وكان لذلك تأثير كبير من حيث لا ندري بأن السينما جزء من المنهج الدراسي وأن التاريخ يجسده أبطالنا المحبوبون علي الشاسة وليس مجرد كلمات جامدة جافة. ولو انتقلنا في الزمن إلي الوقت الحالي لا نجد هذا التفاعل بين السينما والطلبة إلا في بعض الروايات الأجنبية المقررة مثل "سجين زندا" و"ديفيد كوبرفيلد" و"المفتش العام" ولو اهتمت السينما المصرية بالتاريخ لكان من السهل أن يشاهد الطلبة هذه الأيام أفلاماً عن حرب اكتوبر وكان من السهل أن تكون رواية تدور احداثها علي خلفية الحرب مقررة علي الطلبة. لذلك اعتقد أن القناة الجديدة "النيل الوثائقية" جاءت لسد نقص واضح في علاقة الاجيال الجديدة بالسينما المهم ألا نقع في كارثة الدعاية "البروباجندا" ونستثمر وجود القنوات المتخصصة لإعادة العلاقة المقطوعة بين السينما الوثائقية وابنائنا والعلاقة المقطوعة بين السينما الروائية ومناهجنا الدراسية عندئذ سيكون من الطبيعي أن تنظر الاجيال الجديدةة للسينما باحترام وتقدير لأنها لم تعد وسيلة للتسلية وعرض التفاهات.