ذكر الله مصر في كتابه الكريم بخيراتها فقال تعالي: "اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم" ورغماً عن ذلك تجد الغالبية العظمي من أهل مصر يعانون البطالة والفقر والعوز والمرض وضيق العيش لا لشئ إلا لأنها باختصار مصر المنهوبة. وتعد المحليات أحد قلاع النهب والفساد في مصر منذ سنوات طويلة بعدما تحولت إلي ساحة للتجاوزات وباب رزق لموظفين صغار يجدون في ضعف رواتبهم مبرراً لبيع ضمائرهم فلا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن مخالفة حملت توقيع موظف في أحد الأحياء أو بناء عقار مخالف علي أرض زراعية أو تعلية أدوار زيادة أو تعدي علي أملاك الدولة أو ترسية عطاء أو مزاد وخلافه.. ناهيك عن تقاعسهم في حماية الطرق وترك الحبل علي الغارب أمام المخالفات التي تكتظ بها الطرق وأرصفة الشوارع وإهمال المرافق.. واللافت للنظر ان كل ذلك يتم تحت سمع وبصر مهندسي وموظفي الأحياء بداية من رئيس الحي حتي أصغر موظف مما جعل المحليات عنوان دائم للاتهام بالفساد والرشوة عبرت عنه مؤخراً وواقعياً مقولة أحد المواطنين لمحافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد أثناء قيادته لعملية هدم عقار مخالف بميدان المسلة في المطرية "الحي واكل والقسم واكل وجايين تهدموا العقار ليه". علي الرغم من ان الهدف من تقسيم الكتل السكانية إلي أحياء هو تسهيل تقديم الخدمات وحصول المواطن عليها بسهولة ويسر إلا انه بمرور الوقت تبدل الحال وأصبحت الأحياء وموظفوها عقبة تحول دون حصول المواطنين علي حقوقهم حيث يدخلونها محملين بالهموم ويخرجون منها مفلسين علي أمل الفوز بالخدمة.. وفي الوقت الذي يضعهم الجميع في خانة الاتهام بالفساد والرشوة يصرون علي القاء التهمة في وجه الميري الذي لم يوفر لهم حياة كريمة فمرتباتهم الضعيفة لم تمنح ضمائرهم القوة التي نريدها منهم. والفساد في المحليات وملفات أخري عاجلة وشائكة تمثل الأولوية القصوي في الحياة يضعها المواطنون علي مكتب د. أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية الذي يعد اختياره لهذا المنصب في محله ويعلقون عليه آمالاً كبيرة لانها مشاكل تتطلب مقاتلين ميدانيين علي أرض الواقع بعيداً عن الغرف المغلقة.. لقد حان الوقت لقهر الفساد وتطهير المحليات من أصحاب النفوذ الذين يقفون دائماً حائلاً بين المسئول الأعلي والمواطن ومواجهة أصحاب الضمائر الضعيفة ومن يتحكمون في المصالح والحقوق والثروات فضلاً عن مواجهة نقص الخدمات وتردي البنية التحتية في القاهرة الكبري وعدد من المحافظات ودفع التنمية وتوفير فرص العمل للشباب وغيرها من الملفات التي تأجلت مواجهتها لسنوات أو تعثرت ولم يعد هناك مجال اليوم سوي اقتحامها بالحسم والقانون لبناء مصر الجديدة.